منهج الإمام زيد بين الماضي والحاضر
بقلم/ بلقيس علي السلطان
تأتي ذكرى استشهاد الإمام زيد بن علي بن الحسين كمحطة تعبوية وتوعوية هامة يستزيد منها من سلك في درب الجهاد ومقارعة الطغاة ، فمهما تعاقب الزمن وتغيرت الأمم فمنهج الطغاة متوارث عبر الأجيال وشجرة بني أمية الخبيثىة لا زالت تثمر حقداً وخبثاً في كل مكان وزمان كما أن شجرة آل البيت الطيبة تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها لأن أصلها نبوي ثابت وفرعها في _السماء_ أئمة صادقين ارتضوا العزة والكرامة ورفضوا الذل والمهانة فكانت عناوينهم ترفض الإذلال والخنوع فصرخ الإمام الحسين بهيهات منا الذلة وأعقبه الإمام زيد بقوله من أحب الحياة عاش ذليلا فمضوا على النهج القرآني البيّن وقدموا أرواحهم رخيصة من أجل إصلاح الأمة ومقارعة الطغاة الظالمين .
لقد لقب الإمام زيد عليه السلام بحليف القرآن لأنه لازمه أكثر من عشرة أعوام وتعلم معانيه وتوجيهاته ونواهيه فخرج في وجه الطغاة بنهج قرآني واضح لا لبس فيه وهنا مقارنة بين منهج الإمام زيد عليه السلام في الماضي الذي عاش فيه وبين حاضرنا اليوم لنعلم هل قد اختلف شئ بين ماخرج الإمام زيد من أجله وبين ما خرج أعلام الهدى اليوم من أجله أم أن الطغاة لا زالون ينتهجون نهج التجبر والظلم ولازال الأحرار ينتهجون نهج العزة والكرامة :
*والله مايدعني كتاب الله أن أسكت*
لم يستطع حليف القرآن السكوت على ظلم هشام وطغيانه وتحريفه وانحرافه عن الدين ففي عهد بني أمية رُميت الكعبة بالمنجنيقات واستُبيحت المدينة وقتل آل بيت رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله وسبيت نسائه فخرج الإمام زيد بمقتضى الأمر الإلهي بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال تعالى {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} وأي منكر أكبر من أن يسب رسول الله صلوات الله عليه وآله على لسان يهودي في حضرة هشام دون أن يكون له موقف رادع له بل اتخذ موقفاً مغايراً ونهى الإمام زيد عن إيذاء جليسه !
اليوم ورثة بني أمية من حكام العرب المنبطحين والمدجنيين للولاء لليهود والأمريكان ينتهجون نفس النهج من الظلم والتجبر واستباحة الدماء وإغلاق بيت الله في وجه الحجاج والتطبيع المعلن مع اليهود والذلل لهم وتسخير أموالهم من أجلهم ، اليوم تتعرض الصحف الغربية لرسول الله برسومات منحطة تقدح في رسول الله وفي أخلاقه وشخصه الشريف دون أن يحرك حكام العرب الخانعين أي موقف تجاه ذلك
وهنا خرج أعلام الهدى الذين ينتهجون منهج الإمام زيد ويسيرون مسيرة قرآنية قائلين والله مايدعنا كتاب الله أن نسكت وهبوا في وجه أمريكا وإسرائيل محذرين من خطرهم وخططهم الرامية لتدمير الأمة غير آبهين بجيوشهم وعتادهم الحديث الذي داسه المجاهدين تحت نعالهم .
*من أحب الحياة عاش ذليلا*
مقولة قالها الإمام زيد واستنتجها من خلال مجريات الأحداث منذ عهد جده الرسول الأكرم صلوات الله عليه وعلى آله وخذلانه وعدم طاعته في أمر الولاية لأن حب السلطة والجاه أنساهم طاعة الله ورسوله فيما أمر
وتلاه خذلان المسلمين للإمام علي في صفين وغيرها وأعقب ذلك خذلان الإمام الحسين في كربلاء إلى أن وصل الدور عليه ليقول للأمة أن سبب ذلكم وهوانكم وتجبر الطغاة عليكم هو التمسك بالحياة وزينتها وسلطانها متناسين بأن الله قد منح من سلك درب الجهاد والإيمان الصادق العزة والاستخلاف في الأرض قال تعالى : {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}
وقال تعالى {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} فقدم الإمام زيد روحه في سبيل الله وفي سبيل الإصلاح في أمة ذلت وسهل الهوان عليها .
اليوم مازال المتشبثون بالحياة كُثر فمنهم من خان وطنه وأمته من أجل المنصب وكرسي الرئاسة وحفنة من الأموال ومنهم من هانت عليه مقدساته أن تداس بنعال اليهود دون تحريك ساكن ومنهم من أغلق بيت الله أمام عينه دون أن يكون له موقف يذكر
اليوم هناك من يقاتل في صف الطغاة ويدافع عنهم ويستبيح الدماء والأعراض هناك من لا يزال يحب الحياة لدرجة الإذلال والخنوع واسألوا سجون الإمارات في الجنوب اليمني عن جنود تُذل وتُغتصب وأسألوا من تلقى الصفعات على وجهه فقط لأنه أحب السلطة وجلب الحرب والدمار على بلده أسألوا بيت المقدس لماذا مايزال مغتصب بعد مضي أكثر من نصف قرن على احتلاله واسألوا بلدان العرب والمسلمين مابالها تتناحر وتتنازع وتحل بينهم الفتن ؟
كل ذلك لأنهم أحبوا الحياة وفطن بنفسياتهم الطغاة وجبابرة العالم فأخضعوهم لولاءهم وميعوا قضاياهم الأساسية في أعينهم ودجنوهم في خدمتهم .
*الحمد لله الذي أكمل لي ديني والله ما يسرني أني لقيت جدي محمداً يوم القيامة ولم آمر في أمته بمعروف ولم أنه عن منكر والله ما أبالي إذا قمت بكتاب الله وسنة نبيه أنه تؤجج لي نارٌ ثم قذفت نفسي فيها ثم صرت إلى رحمة الله*
وقف الإمام زيد في وجه هشام ولم يبالي بقوتهم وجبروتهم وكان همه الأكبر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن يلقى جده ونفسه راضية بما قدم وضحى فكانت تضحيته تفوق التضحيات فصلبوه وأخرجوه من قبره وأحرقوه وعالم الصمت يغوص في صمته وإذلاله .
وبعد مضي السنيين جاء من مضوا على نهج زيد عليه السلام من أعلام الهدى ليأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر فلقوا نفس الظلم الذي لقاه فهاهو قرين القرآن الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي يلاقي نفس الظلم على يد طغاة عصره فيفجر به المكان الذي كان فيه ويرش عليه وابل من الرصاص ويخفى جسده لأعوام ثم يقصفوا ضريحه ويساووه بالأرض فأي عظمة مضى عليها هؤلاء المخلصين حتى هابهم الطغاة في قبورهم ؟
*البصيرة البصيرة ثم الجهاد*
مضى الإمام زيد في جهاد الطغاة بعد وعي وبصيرة أدرك من خلالهما أن الجهاد هو الحل الأمثل لمقارعة طغيانهم فكم من سيف سُل في درب الباطل وهو يظن أنه على الحق فهل من قاتل الإمام علي والإمام الحسين والإمام زيد كانوا يسلكون درب الجهاد أم أنها عميت قلوبهم التي في الصدور ؟
اليوم نرى من يستظلون تحت عناوين كاذبة كالجهاد والدفاع عن الإسلام كالقاعدة وداعش وحزب الإصلاح الذي قتل ودمر وأباد أسر عن بكرة أبيها في اليمن تحت عناوين واهية كمحاربة المجوس والحفاظ على الدين وإعادة الشرعية ؟
الوعي والبصيرة هما أساس الجهاد والمنطلق الذي ينطلق منه المجاهد المخلص وهما الأساسان اللذان غفل عنهما من قاتل الإمام على والإمام الحسين والإمام وزيد …وغيرهم وهما ماينبغي على أمة اليوم ألا تتغافل عنه فالوعي بالعدو الحقيقي و بما يحاك ضد الأمة من مخططات وأجندات صهيونية وأمريكية بات أمر هامً لا ينبغي تجاهله والسكوت عنه
و الجهاد الذي منطلقه البصيرة والوعي يكون نتاجه النصر والعزة والتمكين
فسلام الله على حليف القرآن وعلى من نهج نهجه ونهل من فكره وبصيرته ألف ألف سلام .