أنظمةُ العدوان والمأزقُ الأمريكي
بقلم/ سند الصيادي
خارجَ دائرة الخطاب الرسمي وَمقتضياته التي تفرِضُ المكابَرَةَ وَالابتزاز، يقدِّمُ سفيرٌ أمريكيٌّ سابقٌ نصائحَه بالمجان للنظام السعوديّ: “عليكم الاعتراف بالهزيمة والانسحاب من اليمن، وإلا لن يدعَكم اليمنيون تتراجعون دون أن يطالبوكم بقدرٍ أكبرَ من التنازل في المقابل”.
وفي هذا النصح الأمريكي غير الرسمي إقامةً إضافيةً للحُجّـة مصدرُها العدوُّ ذاته، وَإذَا ما تم التعاطي مع هذا النصح بمنطق عقلاني يستوعبُ الوقائعَ في الميدان، بالتوازي مع إعادة قراءة متأنية من السعوديّة وَمرتزِقتها للمشهد الأخير الذي حصل في أفغانستان، فَـإنَّ الحل سيكون مطلباً سعودياً بالدرجة الأولى.
وَفي ما قاله هذا السفير حقائقُ عَــزَّ على الآثمين تقبُّلُها طوال سنوات العدوان، فالشعبُ اليمني، أَو من أسماهم بالحوثيين لا يأبهون بأمريكا وَلن يدخلوا معها في مساومة تنتقصُ من مبادئهم وَخياراتهم، سواء من خلال مِلفاتِ تسوية محلية منتقصة، أَو يُدنِي من سقفهم أية وساطات للصلح بين أطراف إقليمية، بمنأًى عن مطالب اليمنيين المعلنة، كما قال تشارلز فريمان السفير السابق للولايات المتحدة في الرياض.
وفي ما يمثِّلُ المستقبلَ الأمريكي المتوقَّعَ بعد تداعيات فشل العدوان على اليمن، قال فريمان: إن الدورَ الأمريكي في العدوانِ على اليمن يندرجُ في إطار المساندة للحليف السعوديّ وتعزيز العلاقات التي شابها الفُتور.. وفي هذا القول مغالطاتٌ لن تنالَ من الوعي اليمني الذي يملك بفضل الثقافة القرآنية الفطنةَ الكاملةَ لتبيان العدوّ من بين ضبابية الذرائع وَالأدوات.
غير أن هذه المغالطاتِ الأمريكيةَ تمثل حقيقةَ تنصُّلِها عن الأدوات الإقليمية والمحلية وإيذاناً بتركها تغرَقُ لوحدها في المستنقع الذي قادتها إليه، بل وَمستعدة لتقديم رموز وَشخوص هذه الأدوات قرابينَ لتوطيد علاقاتها مع أعدائها، وهو سلوكٌ أمريكي بات معهوداً وَحتمياً، وَما نموذجُ عملائها في أفغانستان ببعيد.
وفي ظل الغباء المستفحِل لنسخة عملائها في المنطقة وغياب استشعارهم للنهايات، وحقيقة المأزق الأخلاقي الأمريكي في تعاطيه مع الأتباع، فَـإنَّ التخليَّ عن المزيدِ من الحلفاء أمريكا يبقى قائماً، ولن يكونَ مثيراً للدهشة تخلي الولايات المتحدة عن عملائها في اليمن من حزب الإصلاح إلى مجموعات الانتقالي وأتباع عفاش، وحتى إقليمياً النظام السعوديّ، وكل الأنظمة التي اختارت أن تدورَ في الفلك الأمريكي والإسرائيلي.