الحزب الاشتراكي اليمني الشريك الضحية والجلاد
– دخل الحزب الاشتراكي اليمني شريكا أساسيا مع المؤتمر الشعبي العام في معادلة السلطة القائمة- وفقا- لمبدأ المناصفة في اقتسام مصادر القوة والثروة في عموم البلاد على مدار الثلاثة سنوات الأولى من عمر المنجز الوحدوي? التي كانت بمثابة مرحلة انتقالية لتهيئة اليمن دولة وشعبا للمرحلة القادمة الأكثر أهمية وإلحاحا من العمل الوطني? والتي كانت ستبدأ مع أول انتخابات نيابية عام 1993م? مثلما تم الاتفاق عليها بينهما في التعديلات التي تم إدخالها قصرا على اتفاقية عدن 1989م? التي كانت في حقيقة الأمر بمثابة خارطة الطريق الأساسية ليس بالعبور باليمن دولة وشعبا إلى بر الأمان فحسب? بل- أيضا- والوصول بها إلى مصاف الدولة المدنية الحديثة? إلا أن الأجنحة المتطرفة في كلا الحزبين بالتعاون والتنسيق- هذا إن لم نقل الشراكة- مع القوى التقليدية المحافظة والمتطرفة وحلفائها في الداخل والخارج لم تدخر أية جهود إلا وبذلتها في اتجاه الحيلولة دون حدوث أية خطوة حقيقية وتوفر أية بيئة مناسبة للسير قدما نحو غايتها المنشودة? فبدلا من أن تجسد هذه السنوات أبهى صور الإيثار والتضحية والبذل والعطاء في تجسيد كامل المصلحة الوطنية العليا للأمة بين شريكي المنجز الوحدوي وفي تحمل أعلى مستويات المسئولية الوطنية والتاريخية? فإنها مثلت صورة من أشد صور الاستهتار والشللية والجنوح والنزق? والتي بلغت حد الذروة من اللا مسئولية واللا وطنية عندما جنحت بشكل شبه كلي نحو استخدام مصالح اليمن دولة وشعبا كأوراق أساسية للعب والضغط في تعظيم المكاسب لأحدهما على حساب الأخر? وبصورة أفضت- في نهاية المطاف- إلى تعطيل وحرف شبه كلي لمسار خارطة الطريق? كي تتكرر أمام الحزب الاشتراكي ومن ورائه اليمن دولة وشعبا في غفلة من الزمن تلك اللحظات المروعة والخطيرة في تاريخ الحركة الناصرية شكلا ومضمونا? عندما تركت المجال واسعا أمام الأجنحة المتطرفة النزقة لدفعها نحو حتفها.
– ومن هذا المنطلق يسعنا إثارة بعض أهم التساؤلات الرئيسة في هذه المقالة ما طبيعة ومستوى ومن ثم حجم المسئولية الوطنية والتاريخية الملقاة على عاتق الحزب الاشتراكي (الشراكة)- استنادا- لما لحق بالمشروع الوطني والمصالح الوطنية العليا من تداعيات وأثار ومن ثم انتكاسة حادة أسست لها الفترة (1990- 1994م)? وصولا إلى ما لحق بالحزب الاشتراكي من انتكاسة حادة (الضحية) أقصته دفعة واحدة من معادلة السلطة بلا رجعة عام 1994م? بصورة أعادتنا إلى الوراء 16 عاما تقريبا? لكن مع الحركة الناصرية وهي تحتضر على فراش الموت الزوم عقب إرهاصات الانقلاب الأسود عام 1978م الذي قادته في الظاهر ضد شخص الرئيس الصالح الذي لم يكن قد مضى على انتخابه لمنصب رئيس الجمهورية سوى ثلاثة أشهر تقريبا? وفي الباطن ضد نفسها كحركة سياسية ونظام سياسي كانت مازالت تمسك فيه بمعظم مقاليد السلطة? كي تصبح- في نهاية المطاف- بكل ما تعنيه الكلمة عملية انتحار سياسية للتيار المعتدل وللحركة الناصرية- أولا- ومن ثم ضد حاضر ومستقبل اليمن دولة وشعبا- ثانيا ? ثم أخيرا كي يظهر الحزب الاشتراكي والأجنحة المتطرفة فيه? ممثلة في الوقت الحاضر بـ(مكونات الحراك الجنوبي السبعة? قيادة الحركة الانفصالية في الخارج?..) على سبيل المثال لا الحصر في حلة جديدة توائم طبيعة ومستوى ومن ثم حجم الدور الجديد المناط بها (الجلاد) في الفترة (2004- 2011م) ضمن إستراتيجية التيار الانفصالي بمكوناته الستة بـ(المجلس الأعلى لأحزاب اللقاء المشترك? مجلس الحراك السلمي لتحرير الجنوب? القيادة الانفصالية في الخارج? حركة التمرد الحوثية? تنظيمات القاعدة? مضافا إليها آلاف العناصر التي ما زالت جزء من السلطة ولم تكشف عن نفسها بشكل علني)- بصفة عامه- وحزب التجمع اليمني للإصلاح وتيار الأخوان المسلمين منها- بوجه خاص.
– من نافلة القول في هذا الأمر أن المرحلة الأولى من عمر الوحدة كانت أدق وأخطر مرحلة من مراحل العمل الوطني بين شريكي المنجز الوحدوي? سيما في ضوء طبيعة ومستوى ومن ثم حجم التحديات الجمة المحيطة بهما? سواء أكان ذلك على خلفية الانحرافات الحادة الحاصلة في اتفاقية عدن عام 1989م? سيما في تلك الجزئية المتعلقة بالأخذ بخيار الوحدة الاندماجية بدلا من خيار الوحدة التدرجية وبهذه السرعة وبدون مراعاة لعاملي الزمن والمكان? والتي أفضت- في نهاية المطاف- إلى حدوث هذا التدهور الخطير والاختلال الحاد الذي شهدته الساحة اليمنية? لاعتبارات رئيسة عديدة? يمكن إعادة بلورة بعض أهم معالمها الرئيسة في ثلاثة اتجاهات أساسية?
– الأول له علاقة وثيقة الصلة بطبيعة ومستوى ومن ثم حجم الدور المحوري الذي لعبته القوى التقليدية المحافظة والمتطرفة- في هذا الشأن- عندما اندفعت بقوة في اتجاه تهيئة المسرح ألعملياتي لاجتياح الجنوب عسكريا وإسقاط نظامه الماركسي? تحت دعوى أقامة الإمارة الإسلامية المزعومة? على خلفية توافد ما يقارب من الـ66 ألف مقاتل من شتى الأجناس المنسحبة من أفغانستان? بصورة لم تترك مجالا