لماذا ي?ْستهان بوظيفة التدريس في جامعة صنعاء?!!(1)
الوظيفة الأولى للجامعة التي أشار إليها قانون الجامعات اليمنية رقم (18)لسنة 1995 هي التدريس? وهي الوظيفة التي ملامحها واضحة في أداء الجامعة في الوقت الحالي? و ينبغي أن يتم من خلالها بناء شخصية الطالب الوطنية السوية المتكاملة التي تتوفر فيها المعايير التالية -حسب نص القانون السابق-:(الإيمان بالله? والانتماء للوطن والأمة? والأخلاق الفاضلة? والتمكن من المعرفة والمهارات اللازمة للعمل? والاعتزاز بالعروبة والإسلام? والانفتاح الواعي على العالم)..و لنا أن نتصور الدور الذي سيقوم به المتخرج من الجامعة في تنمية المجتمع إذا توفرت فيه تلك المعايير.
وعلى الرغم من إمكانية توفير الأسس الضرورية لإنجاح وظيفة الجامعة في مجال التدريس في جامعة صنعاء إلا أن الملاحظ أن هناك قوى في الجامعة- بعضها ظاهرة وبعضها خفية- تعمل على عرقلة تحقيق وظائف الجامعة في مجال وظيفة التدريس? فبعض هذه القوى تبدد موارد الجامعة في أمور ليست لها علاقة بتطوير الجامعة? وبعضها تقاوم تطوير الجامعة بكل السبل الظاهرة والخفية ? ربما يحدث هذا التدمير لأن هذه القوى تدرك تماما أن التطوير سيكشف جهلها? وبالتالي سيضر بمصالحها الذاتية? وللأسف نجحت تلك القوى في تثبيت المظاهر السلبية التي تصاحب التعليم الجامعي? ولا تزال تتضاعف هذه المظاهر كل يوم رغم تذمر الأساتذة الجادين ورغم احتجاجات الطلبة المستمرة إلا أن الإهمال ظاهر في كل جوانب التعليم الجامعي..
من وجهة نظري? الأستاذ الجامعي هو مفتاح التعليم الجامعي? وهو سر نجاحه? والمسئول عن فشله حتى وإن كانت هناك عوامل أخرى تبرر التقصير? فإن الأستاذ الجامعي الحقيقي لن يرضى حتى يؤدي رسالته بضمير مهما كانت متعبة أو يموت في قاعة الدرس..
أعرف أن كثيرا من الزملاء سيغضبون مني لأنني أحملهم المسئولية? بينما وضع الجامعة لا يشجع أحدا على الإبداع ? لكني أريد أن يغضبوا لأن الغضب ظاهرة صحية إذا ما تحول إلى مراجعة للذات وبدأ كل واحد منا في البحث في أدائه هو وعلاقته بما ي?ْطرح حول الأداء التدريسي في الجامعة ? وربما سيدفعه الغضب إلى الشعور بأنه جزء من هذا الوضع المتدهور الذي وصلت إليه الجامعة? وبالتالي الإحساس بحاجته إلى البدء في تلمس جوانب الضعف في أدائه ? وأن يحاول أن يطور نفسه ليتجنب الأخطاء ويواكب عصر التغيير? الغضب الآن أفضل من استمرار التغاضي لأنني لا أظن أن المستقبل سيظل كما هو عليه بدون مساءلة..
ربما من أهم أسباب ضعف الأداء التدريسي في الجامعة –كما اتضح من دراسة أعددتها في هذا الموضوع ([2])- هو تكليف مدرسين ضعفاء لأداء وظيفة التدريس? إما عن طريق التعيين أو بالتعاقد? وقد اتضح أن ضعف أدائهم ناتج عن أسباب مختلفة منها: أن بعض أعضاء هيئة التدريس يتم تكليفهم بتدريس مواد ليست من تخصصاتهم العلمية كحل لتغطية الجداول أو إكمال الأنصبة? وبعضهم ضعيف من الأصل حتى وإن كانت المواد من تخصصاتهم بسبب ضعف التأهيل العلمي لديهم? وبخاصة ممن تخرجوا في جامعات معروفة بضعفها خارج اليمن ? وبعضهم ممن ليست لديهم خبرة في التدريس الجامعي وبخاصة الذين تعينوا بعد الدكتوراه ضمن أعضاء هيئة التدريس في السنوات الأخيرة ولم يمارسوا التدريس الجامعي من قبل? وبعضهم متخصص ولديه علم لكنه –للأسف- يفتقد المهارات القيادية ? فتضيع خبرته وعلمه بسبب ضعف شخصيته? فلا تكون له أية قيمة في الوسط الطلابي? وبالتالي يصير محل شفقة أو سخرية لدى الطلبة? وبعضهم بينه وبين الطلبة فجوة تقنية شاسعة ? فهو غير قابل للدخول في عالمهم ويعتبر النت والكمبيوتر مضيعة للوقت وإفسادا للأخلاق ? وبالتالي لا يريد أن يعرف عنه شيئا ولا عن أصحابه? ومثل هؤلاء الأساتذة إما أن ينفر منهم الطلبة أو يسيرونهم كما يريدون? وبالتالي لا يجد الطالب الجامعي الواعي فيهم القدوة التي تجذبه ولا يستفيد منهم ..
وأظن أن ما نجده من تجاوزات أخلاقية لدى بعض الطلبة ضد الأستاذ الجامعي هي نتيجة تراكمات التعامل مع مثل هذه النماذج الضعيفة من الأساتذة? ويزيد من هذه التجاوزات اهتزاز القيم التي يعيشها الواقع اليوم..
وربما الحل لهذه المشكلة هو بوضع ضوابط للتدريس الجامعي لا ينبغي أن يتجاوزها لا الأستاذ ولا الطالب حتى تعود لوظيفة التدريس الجامعي هيبتها? كما إن من المهم جدا إعادة النظر في الدورات التي تتم داخل الجامعة لتطوير أداء الأستاذ الجامعي? وأن ي?ْخطط لبرنامج مهاري معرفي لإعادة تأهيل الموجودين من أعضاء هيئة التدريس الذين أصبحوا أمرا واقعا في سلك التدريس الجامعي بصورة عامة ? وأن يكون هذا الـتأهيل تأهيلا جادا يتم فيه وضع ضوابط لدخول الدورات التدريبية التي يتم إعدادها لتأهيلهم? وان يلتزموا بالنجاح فيها بحسب معايير إنجاز حقيقية وليس بالحضور الشكلي لأجسادهم? بمعنى تكليف المتدربين بمحاضرات عامة وتطبيقات تعكس ما تدربوا عليه قبل أن يمنحوا شهادات بالدورات التي حضروها? ومن لا يقبل التأهيل أو يتهاون في إنجاز م