«محمد» في مواجهة الإمبريالية!
بقلم/ كارلوس شهاب
لم يواجه الغرب -بمظاهره المتعددة متديناً كان أو علمانياً، بربٍّ أو بدونه- عدواً كمحمد. على مدى أكثر من ألف عام شكّل محمد اليد التي تطوح عنق أوروبا التي بنت شخصيتها على رفض الآخر.
لنبدأ من دانتي أليغري ونشيده الثامن والعشرين الذي اعتذر حسن عثمان عن ترجمته. كان شديد المهاجمة بأقذر العبارات لمحمد وعلي.
معجم ديربيلو الفرنسي الذي ظل معتمداً بوصفه المرجع الأول عن الإسلام في أوروبا لغاية القرن التاسع عشر لم يختلف بشيء عن وصف دانتي المنفّر.
نابليون في استعادته لتأملات فولني وجد أن الحواجز أمام الهيمنة الفرنسية بعد إنجلترا والباب العالي هو الإسلام (محمد).
السير والتر سكوت في روايته «الطلسم» وصف المسلم بأنه من صلب رب الشر (محمد). لا تنقطع هذه الأوصاف لمحمد إلى عصرنا.
فإذا تجاوزنا الرسوم المسيئة في الدنمارك وفرنسا فإن أباطرة الحملات الإعلامية الرئاسية الأمريكية «بات روبنسون» و»فرانكلين جراهام» و»جون أشكروفت» جميعهم اجتروا أوصاف القرون الوسطى لوصفه.
يكمن العداء لمحمد في الشخصية الغربية، لأنه ما انفك يمثل ترسانة مواجهة لغطرستها الإمبريالية. لا أقصد هنا المقاومة العربية الإسلامية التي استمدت من محمد سلاحها في فجر عصر الاستعمار أو يومنا، بل خارج إطار وطننا العربي أصبح محمد رمزاً للمواجهة.
فهم مالك شباز «مالكوم أكس» أن محمداً بدلاً من أن يجعل الرجل الأسود يقدم خده الأيسر بعد أن صفعه الأبيض على الأيمن فإنه أسس الحرب العادلة «وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين»، هكذا فهم مالكوم الإسلام.
«محمد ميّت»، العبارة التي رفعها قطعان المستوطنين في القدس، لا أظن لها علاقة بالعداوة الدينية بقدر ما لها أصول من كره محمد في الثقافة الغربية. ليس لهؤلاء القادمين من شرق أوروبا وغربها أي صلة مع ما دار بين يهود المدينة ومحمد في القرن السابع، بل إن عداءهم يُستمد من كون محمد لا يزال رمزاً لمقاومتهم بما هم مشروع إمبريالي.
في شخصية النبي العربي درس مهم يفيدنا اليوم أكثر من أي وقت مضى في تناقضنا التناحري الرئيسي، أنه كدح -بتعبير أرمسترونغ- ليوحد العرب الذين مزقتهم الحروب، ونقلهم من الجاهلية، الجاهلية التي يعرفها ياروسلاف ستيتكفيتش بأنها ليست الجهل المناقض للمعرفة، بل أنها حالة من العقل كانت تسبب الاقتتال والحرب بين العرب لأتفه الأسباب.