ثورة في يوم المرأة
جرت العادة أن تكتظ الشوارع بالمئات وأحيانا بالآلاف منهن? يصطففن كما هو شأنهن كل عام في مسيرات احتفاء بهذا اليوم وتذكيرا بمطالبهن وكمحاسبه جمعيه لما لم يتحقق بعد من تلك المطالب ?انه يوم المرأة العالمي .واليوم اكتب انه عالمي عن قناعه راسخة لا من باب مقارنة العربيات والمسلمات خاصة بالغربيات فالمقارنة ساعتها ستصبح مجحفة لأننا عجزنا سلفا أن ن?ْفعل قوانين ديننا والتي كفلت للمسلمة أضعاف ما نصت عليه القوانين الوضعية لكن من باب أن العربيات والمسلمات صرنا اقرب من ذي قبل في تحقيق هويتهن? أصبحنا اقرب من ذي قبل في إيصال أصواتهن للمجتمع وللحكومات وتغييرها وحتى إيصالها للعالم. أصبحن أكثر وعي من ذي قبل بأهميتهن وقيمة وجودهن وتواجدهن ومدى فاعليه إشراكهن في التنمية والحياة وفداحة إقصائهن أو حتى تقنين تلك المشاركة .
كانت المرأة ولم تزل هي الأم والزوجة والأخت والابنة غير أنها أضافت إلى كل تلك الصفات الحميمة والفطرية صفة الثورية ?إنني أعي تماما أن مهمة الأم كانت منذ الأزل ثورية و الزوجة و..الابنة بيد أن ثورتها الأنثوية والتنموية قد ق?َدر لها أن ت?ْعامل بتواضع حد التهميش وبسلبية حد السلب وبسهولة حد الاستسهال إلا أن ثورتها السياسية قد تحظى بأكثر من ذلك أو هكذا اطمح ويطمحن.
أصبحت مطالب المرأة بعد الثورة مقيدة أكثر من ذي قبل بالحرية ولتلك المطالب سقف أمل بعرض سماء الوطن وارتفاعها وقلق بطول ذلك الوطن وعرضه .لقد دفعت المرأة بزوجها وغرست ولدها- اللذان قد يكونا معيليها الوحيدين- نحو ساحات وميادين الاعتصام وذبحت أمنها وامن ب?َنيتها اضحيه للحرية وتبرعت بدمها ودمائهم للجرحى وعملت كممرضه في اشد الظروف ضراوة تحت مطر القذائف والرصاص وواصلت دون يأس أو تذمر تقديم التبرعات رغم صعوبة الظروف المعيشة وتسيير القوافل الاغاثيه من محافظه للأخرى بل والمشاركة في المسيرات الراجلة التي خرجت تحمل الحرية و تبشر بها وترفض الظلم بين المحافظات محطمة بذلك كل قيود العار الوهمية والشائكة والمفتعله لخنق صوتها وتحجيمه ليتناسب وتعبئته فقط في كروت الاقتراع ليوم الاقتراع وحسب .
إن هذه المرأة هي نفس المرأة التي لا زالت ت?َقتل غسلا للعار بسبب شائعة مغرضة دونما حساب وهي نفسها التي لازالت تعاني العنف الأسري من أب أو ا خ أو زوج أو حتى الأبناء أو الأقرباء غير المبرر وهي نفسها التي لا زالت توأد أحلامها في كثير من الدول العربية لان أحلامها عورة كصورة متطورة لوئد البنات. وهي نفسها التي لا زالت ت?َحرم من التعليم في بعض المناطق والدول العربية أو يقتصر على النزر اليسير? وهي نفسها التي لا زالت تعاني الزج في أتون الزواج المبكر بدون توعيه أو حاجه خشيه العار أو خشية من لقمتها.وهي نفسها التي لا زالت تعاني زواج الشغار في بعض الدول و الحرمان من الميراث ومن المشاركة الفاعلة في تنمية المجتمع كما تحلم إلا أن ي?َحلم لها ? وبشرط أن تصب تلك التنمية في جيب غيرها وليس في جيبها ولصالح غيرها لا لصالحها. إن هذه المرأة هي نفسها تلك الفتاه التي وارى ذووها وجوههم في التراب يوم مولدها من سوء ما ب?َشر به وهي نفسها التي كانت تصارع لتتحرر من خلال الدين الذي جاء أصلا ليحررها -وفشلنا في تفعيل أحكامه -وإذ بها اليوم تخرج لتحررنا نحن? وهي نفسها التي باتت تحمل قلقا وخوفا بحجم أملها بالحرية وبطول وعرض وطنها من أن يلاقي كل ما قدمته أثناء الثورة نفس مصير ما قدمته قبلها .
لقد أثرت المرأة العربية واليمنية الثورة وأثرت فيها ?أنجبت تلك الثورات المرأة العربية من جديد بينما كانت هي ذاتها تنجب الثورة? حملتها في أحشائها عندما حلمت بالأمن والحق الشرعي في التعلم والزواج والعمل والعدالة الاجتماعية والمساواة الشرعية والمشاركة الفاعلة في التنمية? أنجبتها مع بنيها كما حملت بها معهم وأرضعتهم سوية كره الفساد والقهر والفقر ورفض الاستبداد والبطالة والمحسوبية لقد حولت المرأة العربية أبنائها من أبناء من حمأ مسنون إلى حمم مسنونة ضد الفساد. إن جل ما أخشاه في أوضاعنا التي لا زالت مضطربة هو أن تحول الحكومات الجديدة المرأة العربية الجديدة والمجتمع عبر مواصله تهميشها والتغاضي عن وهبها حقوقها ومعاملاتها على أنها مواطن من الدرجة الثانية إلى براكين قابله للانفجار في أي لحظه فقلق المرأة قبل الثورة تناما بعدها وتعطش المرأة لخوض المعترك التنموي بعد الثورة بفاعليه بعد وعيها بإمكانياتها خلال الثورة بات اكبر وخوف المرأة الثورية التي فقدت معيلها أو مصدر رزقها أو حتى عافيتها بات أعمق واكبر .
بات على الحكومات الجديدة ومنظمات المجتمع المدني التي ترعى حقوق المرأة من الواجبات أكثر من ذي قبل فقد تراكم الدين وتناما فالمرأة التي زجت بحياتها وحياه فلذات أكبادها ومعيليها نحو الساحات بحثا عن حريتنا جميعا وحرية أزمنتنا الراهنة والقادمة تستحق منا ومنهم الكثير ولا أبالغ إن قلت أننا بتنا جميعا مكبلين بقيد دين متين وجميل لنرده لهؤلاء النسوة