((الثورة اليمنية)).. ألهمتها ثورة الياسمين وأشعلت جذوتها ثورة الــ 25
ثورة اليمنيين إلى أين?!
لم يكن البوعزيزي يوما زعيما قوميا?ٍ تأثر بفلسفة عبد الناصر القومية ومتخذا?ٍ من كتابه “فلسفة الثورة” مرجعية ثورية لإشعال الثورات في غير قليل من البلدان العربية , بل كان أبسط من ذلك بكثير حيث أشعلها بعود ثقاب كلفه أغلى مايملك وهي حياته , ولم يكن يتوقع أيضا?ٍ أن ذلك العود الذي أحرق جسده سيحرق معه العديد من المراحل لإخوانه في تونس والوطن العربي للوصول إلى الحرية والحياة الكريمة ?وأضاء طريقهم لإبتغاء ذلك وهو عينه عود الثقاب الذي أحرق كراسي زعامات إلتصق جسدها وروحها بالكرسي ولم ولن تفكر في تركه حتى أصابها الحريق وأضطرها للتخلي عنه من قبيل “مكره أخاك لابطل”..
واليمن ذلك البلد ذو الــ 25 مليون نسمة ?لم يكن بعيدا?ٍ عما حصل ويحصل في العالم العربي سواءا?ٍ من حيث الظروف المعيشية الصعبة أو المعاناة المجتمعية بكل تفاصيلها? كما أن شأنها شأن الدول العربية الأخرى أسندت دور البطولة للفساد وبات ينخر في جسد الوطن الذي لم يعرف معناه إلا مجموعة من المتنفذين الذين يتنعمون بخيراته في حين يتقاسمون مع بقية إخوانهم شرف الانتماء له فقط..
بدأ الشباب اليمني ينظر بدهشة إلى مايحصل في تونس.. كيف يحصل هذا في تونس?! ذات الملايين السبعة والأرض الطيبة والرفاهية المجتمعية? وتكمن الدهشة الكبرى في أن النظام في تونس فولاذي ولا يسمح حتى بدخول الأنفاس الزائدة عن حاجة الجسم حسب الإعتقاد? ولكن أن تخرج مظاهرات فهذا خارج عن المألوف? وعلى إثرها بدأ الشباب اليمني يفكر في الخروج وكانت ساحة جامعة صنعاء هي المكان الذي حدده مجموعة من الشباب الذين لم تخرج مطالباتهم عن إطار الحرية والعدالة وتوفير فرص العمل والحق في الحياة الكريمة ومكافحــة الفســاد وكانت سرعان ما تنتهي ويعود كل إلى منزله ?وبعد ذلك بدأت تكبر التجمعات شيئا فشيئا?ٍ بحكم المكان وتأثير قنوات الإعلام وما تنقله عن تونس وتطورات الأحداث فيها وبدأت كرة الثلج تتدحرج وتكبر شيئا فشيئا وما أن بدأت مصر أو الشقيقة الكبرى كما يحلو تسميتها في اليمن تشهد إحتجاجات هي الأخرى حتى زادت حدة الاحتجاجات التي بدأت على شكل مسيرات مقتبسة من مظاهرات مصر حتى شعاراتها وقد تزامن ذلك مع بدء أحزاب المعارضة في تدشين الخروج إلى الشوارع وإن كان ذلك خروجا غير بريئا بعد تهديدات كثيرة بالخروج إلى الشارع ولكنها لم تنفذ لعدة أسباب أهمها أنها تعرف وضعها في الشارع ولم تكن تعرف ومعها معظم الشعب اليمني أن الشارع سيكون بهذه الفعالية وإلا لكانت نقلت مقراتها العتيقة والعقيمة إلى الشارع ?ومن جهة أخرى فإن النظام اليمني كان من أكثر الأنظمة العربية مرونة في التعاطي مع المعارضة وربما كان يعطي مساحة من الحرية ولم يضع قيودا كثيرة على تحركات المعارضة وكان أسلوب العصا والجزرة يحل الكثير من المشاكل في نهاية المطاف
لليمن خصوصية
لا يختلف الوضع في اليمن عن أقرانه في الوطن العربي من حيث الفساد المستشري في كل مرافق الدولة والمحسوبية التي قضت على أهم أركان الدولة وهي العدالة وضاع معها التوزيع العادل للدخل والثروة وبالتالي عمق الفجوة فيما بين السكان مابين من يسمق السماء ومن هوت به الريح في مكان سحيق وإضمحلت الطبقة الوسطى وأصبحت الطبقة الكادحة هي السمة المميزة للمواطن العربي? ولكن الوضع في اليمن يختلف عن ماسواه في نواح عده , فالتكوين القبلي أو مكون القبيلة لا يزال هو السائد هناك فهي شريك فعلي في الحكم وقد تحل محل الدولة في بعض الأوقات وقد تتجاوزها في أحايين كثيرة وكمثال على ذلك أعتى المشاكل القبيلة كالثأر وخطف السواح يصعب على الدولة حلها فتقوم القبيلة بذلك وفق عرف قبلي وعادات وتقاليد معروفة ومتفق عليها من الجميع.. إذا?ٍ القبيلة شريك أساسي وفعلي في الحكم وتتلقى دعما من الدولة بل ويصلها نفس الغنائم حتى في المناصب الحكومية والتعيينات ويرتبط معظم مشائخ القبائل بعلاقات وطيدة مع أركان النظام عموما والرئيس بشكل خاص وهو في الحقيقة يتلقى دعما قبليا قويا لاسيما وشيخ القبيلة هو الحاكم الأول والآمر الناهي في القبيلة وكلمته مسموعة من الجميع وإن وجد بعض من يشذ على هذه القاعدة فهي نتوءات وحالات نادرة لاحكم لها…
النظام والمعارضة
لعل المعارضة اليمنية تتميز عن غيرها بأنها كانت مشاركة في الحكم وخرجت منه بديمقراطية الإنتخابات وهي تتكون عموما?ٍ من حزب التجمع اليمني للإصلاح أو الإخوان المسلمين وهو أكبر أحزاب المعارضة وأكثرها فعالية ومشاركة في الحكم حيث شارك في حكومتين إئتلافيتين من بعد إجراء أول انتخابات عام 1993م وكذا بعد حرب الانفصال 1994م وحتى عام 1997م حيث خرج من الحكم بعد هزيمته في الإنتخابات وأنفرد المؤتمر الشعبي العام بالسلطة حتى تاريخه..
ويأتي الحزب الاشتراكي اليمني ثانيا?ٍ وهو شريك تحقيق الوحدة اليمنية عام 1990م والحزب الحاكم لجنوب الوطن قبل الوحدة وقد شارك في الحكومة بالتقاسم مع شريكه حتى عام 1993م وأستمر بعدها حتى عام 1994م حيث أعلنت قياداته ال