أهمية الإنتصار في معركة تحرير مأرب ،،
بقلم / محمد عبدالله الجرموزي
الإنتصار ضد المحتل في ربوع وطننا مهم ولكن
الإنتصار في معركة تحرير مأرب وفي هذا التوقيت هو الأهم وبشكل كبير لعدة اعتبارات،
وأهمها الإعتبار التاريخي والقيمي :
كتب إسم مأرب في انصع صفحات الكتب بل ذكرت في أهم المراجع المقدسة وهو القرآن الكريم {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ } دليل العظمة التاريخية التي كانت تشهدها البلاد في ذلك الوقت من بناء حضاري وفكري .
وعرف عن شعب سبأ وحكامها واقيالها وملأها بالحكمة والشجاعة والصلابة والانقياد للحق دون تعصب أعمى والرأي الجماعي مايعرف بالشورى ،
تمثلت هذه الخصال بقول الله سبحانه في سورة سبأ وقصة الملكة بلقيس مع نبي الله سليمان عليه السلام والتي تشرح المستوى النفسي والقيمي الذي كان يميزهم عن ما سواهم في تلك الفترة في ادارة شؤونهم وتسيير امور شعبهم .
يقول الله تعالى :
{قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ}
{قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ}
{قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ }
استدل بالشورى وألأخذ برأي ذوي المشورة والحكمة من اهل اليمن وماكان يعرف بشعب سبأ من خلال هذه القصة المعروفة للجميع ،،
إن هذا التاريخ العميق قد تعرض لهجمات عديدة أهمها الهجمة الوهابية والحزبية فقد نخرت في صلب المجتمع وغرسوا مفاهيم ”اتباع ولي الأمر وإن جلد ظهرك وأخذ مالك“ حتى سلب ذوي الرأي ارأئهم واهل الحكمة بصيرتهم وأصبحت الحكمة وحيدة اسيرة يعذبها خطباء ودعاة الوهابية ليل نهار بأفكار مستوردة تكرس التبعية العمياء لعلماء آلبلاط السعودي المتخلف .
فنشأت المدارس الايدلوجية والمعاهد الاخوانية ودور التحفيظ السلفية التي عجت بها المحافظة ، ولما كانت القابلية ضعيفة من ابناء المجتمع القبلي الشوروي عزز الزاحفون حربهم بأناس من خارج المجتمع للتغرير والتغيير واستوطنوا في قلب المجتمع المأريي مستجلبين اعوانهم من معظم البلاد لمحاولة تغيير الديموغرافية وعمل صورة مشوهة للانسان الماربي ، ومن هذه المحاولات جلب التكفيري (ابوحمزة المصري) ومحاولة تغيير هويته ونسب تأصيل مزيف ينسب نفسه لهذه البلاد ولم يكتف بذلك بل جلب اكثر من خمس مأئة عائلة تؤمن بفكره ومعتقده الذي يستقيه من امراء الحجاز ، واستمرت هذه الحرب الناعمة حتى ظهرت عدد من الأسماء على شاشات التلفزة ووسائل الإعلام كإرهابيين وتكفيريين ودواعش للتشويه والاسائة بشكل كبير لنبل واخلاق ومخاواة القبيلي الماربي ورسم صورة نمطية عنه في اذهان بقية المجتمعات،
ولم تنجح كثيراً بل حاولت الأنظمة الاستبدادية خلال الفترات الماضية الإساءة والتشويه للمأربي وعززت وبشكل منظم في النفوس أنه إنسان متوحش وقاتل وقاطع طريق ومفجر مصالح الناس ونهاب ، اذ عمدت الى تشجيع قطاع الطرق وانابيب النفط بدعمهم بعد كل عملية بإسم حماية وحراسة المصالح واصبحت الكلمةالرائجة ” اذا تشتي سيارة اقطع الإناره” وصعرت خدها للشرفاء والعقلاء وضايقتهم وهمشتهم،
ففي كل عام كان يظهر شيخ يصول ويجول ويدوس على الناس بتشجيع السلطة وتمويلها لكسر هيبة ابناء القبائل واهل الحل والعقد في البلاد ، وعززت الحزبية بشكل كبير مستفيدة من التعصبات والمشاكل الاجتماعية الموجودة في اية مجتمع ،
فتغيرت المفاهيم حتى اصبحت شورى حزب الإصلاح هي الحاكمة والمقررة واصبحت بدل بلقيس توكل كرمان من تأمر وتنهي من خارج بلادها ومن مسافات بعيدة عن شعبها وليس بين قومها ووصلت الحرب الناعمة الى مستوى فتح قنوات واذاعات تحمل هذه الاسماء المتأصلة في ذاكرة ابناء المجتمع تزييفاً وتحريفاً .
كل هذا التهيئة والتجهيز المسبق من قبل سنين عديده هيئ الساحة للعدوان السعودي الأمريكي ليجعل من مأرب منطلقاً لعملياته العسكرية معتمداً على اياديه الخبيثة التي قد تغلغلت في المجتمع ضامناً نتائج حسم الموقف لصالحه من خلالهم ، مستفيداً من شجاعتهم ومستغلاً مبادئ قبيلتهم واستجابتهم لداعي النكف والقبيلة والفزعة والغارة وغيرها من المميزات النفسية التي يحملونها.
بعد كل هذا وبعد مرور ٦ سنوات من العدوان اتضحت حقائق كثيرة وكشف الزيف وتكشف للغالبية حجم الاستهداف لقيمهم ومبادئهم وأخلاقهم العربية الأصيلة وحجم ما تم القضاء عليه من كرامة وشجاعة وبسالة وقيم واخلاق المأربي المتجذرة منذ القدم ، فكان لزاماً لإبن مأرب
اليوم ان يستعيد ماضيه ويحافظ على تاريخه واصالته وانتماءه ويعود الأصل لإصله والحق لأهله وتعود الحكمة لإهل الحكمة مستحضرين الحكمة التي لن تنتهي ولن تمحى من ذكر الى يوم القيامة ،
{ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُون} .