وأخيرا لاحت في الافق معالم اليمن الجديد
عقب اندلاع الثورات في بعض البلدان العربية وبداية نشوب الازمة في اليمن ,تحدث كثيرون عن خصوصية الوضع اليمني بما يحويه من تعقيدات وانقسامات وقوى تمرد مسلحة وما قد يؤدي اليه اسقاط النظام فيها وايصالها الى حالة الفوضى واللانظام من انهيار وتفكك ليس للنظام الحاكم في اليمن فحسب بل الى تقسيم ارض اليمن الى دويلات وامارات متناحرة فيما بينها , وجوبهت تلك الاراء حينها من قبل اصوات الثائرين بأنها مجرد خزعبلات تهدف الى الدفاع عن النظام الحاكم الذي برحيله ستنتهي كل ازمات ومشاكل اليمن , ولكن وللاسف الشديد حدث ما كان في الحسبان وبدأت معالم اليمن الجديد في الظهور الى العلن .
معالم اليمن الجديد
تحت شعار ( يمن جديد ,, مستقبل افضل ) بدأت الاعتصامات وما أسميت بالثورة في وطن يعيش الاضطرابات الداخلية والتمردات المسلحة والهادفة إلى تقطيع اوصال الوطن الواحد إلى اجزاء ودويلات في الجنوب وفي الشمال , والغريب في الامر أن تلك الحركات والفصائل المتمردة انظمت الى مكونات الثورة في المطالبة باسقاط النظام مؤجلة بذلك تحقيق اهدافها الحقيقية وراء ستار الثورة , وجعلت من هدف الثورة باسقاط النظام هو الهدف المبدئي الذي يجعل من تحقيق اهدافهم الانفصالية سهل المنال , هذا بالاضافة الى ما أفرزته الازمة الراهنة من ظهور تمرد مسلح جديد على الساحة اليمنية والمنطوي تحت راية ممثل الاخوان المسلمين في اليمن حزب التجمع اليمني للاصلاح .
ولكن وبسبب طول امد الثورة وعجزها الى الان عن تحقيق اهدافها فقد اضطرت تلك الفصائل والحركات المتمردة الى العودة الى وجهتها الاساسية في تقطيع اوصال الوطن وبدأت تظهر على الساحة معالم اليمن الجديد , ليس الذي اراده الثائرون ولكن الذي كان يخشاه العاقلون , ومن ابرز تلك المعالم لليمن الجديد نورد ما يلي :
1- انفصال جنوب اليمن عبر الصراع المسلح الذي تقوده فصائل الحراك المسلح في الجنوب
بعد اليأس الذي أصاب فصائل الحراك المسلح في الجنوب من تحقيق هدف اسقاط النظام, عادت الى الواجهة تحركاتهم المسلحة التي تهدف الى اسقاط جنوب الوطن وتحقيق الانفصال , وهو ما ظهر جليا في الاحداث الاخيرة التي شهدتها محافظة عدن بعد عيد الاضحى المبارك عندما قاموا باحتلال مقر المجلس المحلي لمديرية المنصورة وقاموا برفع علم دولة التشطير على ذلك المقر وهو ما اظهر النوايا الحقيقية لتلك الفصائل من استغلال لهذه الثورة في تحقيق انفصال جنوب الوطن في ظل الاوضاع السياسية والامنية المتردية .
2- تكوين دولة الحوثيين في شمال اليمن
انضمت عناصر حركة الحوثيين الى ساحات الاعتصام منذ بدايتها للمطالبة بالتغيير السلمي واسقاط النظام وبعد مضي تسعة أشهر للاعتصامات التي لم تبلغ غايتها
أظهر الحوثيون أخيرا رغبتهم في توسيع رقعة نفوذهم على الارض وضم محافظات جديدة الى امارتهم المنشودة , فبدأو في تصفية محافظة صعدة من السلفيين في منطقة دماج وغيرها كما بدأو في التوغل في عدد من مديريات محافظة حجه واقتربوا من السيطرة على منفذ ميدي على البحر الحمر ليأمنوا لهم ميناء بحري يضمن حصولهم على الدعم الخارجي من السلاح وغيره , كما استأنف الحوثيون معاركهم في محافظة الجوف للسيطرة على باقي مديرياتها وخاصة الواقعة على الحدود اليمنية – السعودية , وكانت آخر تحركاتهم هي ما تشهده محافظة عمران من محاولة الحوثيين السيطرة على مناطق في قبيلتي عذر والعصيمات , ومع كل تلك التحركات لعناصر التمرد الحوثي يتضح جليا أن مشاركتهم في ثورة التغيير السلمي لم تكن الا بهدف اضعاف سلطة الدولة وادخالها في مواجهات عديدة مما يفتح الطريق امامهم للتوسع في بسط نفوذهم على المحافظات الشمالية لليمن الى ان يصيروا على مشارف العاصمة صنعاء .
3- اسقاط العاصمة صنعاء ومحافظة تعز بيد الاخوان المسلمين في اليمن
كما افرزت ثورة المعتصمين ظهور فصيل تمرد مسلح جديد على الساحة اليمنية تقوده حركة الاخوان المسلمين في اليمن ممثلين بحزب الاصلاح بمختلف مكوناته ( اسلاميين ,مشائخ قبليين كانوا جزءا من قيادات النظام الذين عاثوا في اليمن فسادا , وكذلك قادة عسكريون منشقون هم ايضا من رموز الفساد التي عانى منها الشعب اليمني ) وبدأو اعمالهم المسلحة على الارض والتي اتضح الهدف منها اخيرا بمحاولة اسقاط العاصمة صنعاء ومحافظة تعز بقوة السلاح بالرغم من استمرار ادعاءاتهم بالتمسك بالخيار السلمي للثورة وكذلك بالرغم من التقارب الاخير فيما بينهم وما بين الحزب الحاكم على الاتفاق على تنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية , ولكن رغم ذلك فقد شهد الاسبوع المنصرم تصعيد خطيرا في اعمالهم المسلحة سواء في العاصمة صنعاء وما تشهده معسكرات الحرس الجمهوري في ارحب من اعتداءات عنيفة تهدف الى اسقاطها كونها تمثل طريقهم الى اسقاط العاصمة صنعاء , أو ما يحدث في تعز من مواجهات مسلحة مع القوات الحكومية لاسقاطها هي الاخرى , بالرغم من علم قيادات الاخوان بانهم حتى اذا نجحوا في اسقاط المعسكرات المدافعة عن العاصمة