رسمياً.. جو بايدن الرئيس الـ46 للولايات المتحدة الأمريكية
شهارة نت – واشنطن
جرت في العاصمة الأمريكية واشنطن اليوم الأربعاء، مراسم تنصيب جو بايدن الرئيس الـ46 للولايات المتحدة رسمياً، مع نائبته كامالا هاريس، بمشاركة رسمية واسعة وبحضور عدد من الرؤساء السابقين.
وبدا حفل تنصيب بايدن هذه المرة مختلفا عن سابقيه بسبب الإجراءات الاستثنائية التي تم اتخاذها على خلفية جائحة فيروس (كورونا) والتوترات المتصاعدة في ظل حادثة اقتحام الكابيتول في الـ6 من يناير على أيدي حشود من أنصار الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب.
وجاء حفل التنصيب للرئيس بايدن مع تطبيق إجراءات التباعد الاجتماعي بمشاركة 1000 ضيف فقط، فيما أصبح ترامب أول رئيس للولايات المتحدة منذ أندرو جونسون (الذي كان يقود البلاد في فترة بين 1865 و1869) يغيب عن حفل تنصيب خليفته.
وحضر حفل التنصيب نائب الرئيس المنتهية ولايته مايك بنس، والرئيس الأسبق باراك أوباما وزوجته، والرئيس الأسبق جورج بوش الابن وزوجته، والرئيس الأسبق بيل كلينتون وزوجته وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون.
وبحسب وسائل الإعلام الأمريكية فقد غادر ترامب البيت الأبيض قبيل حفل التنصيب على متن مروحية رئاسية متوجها إلى قاعدة أندروز الجوية الواقعة في ولاية ماريلاند على بعد 24 كلم عن وسط واشنطن، متوجها على متن الطائرة الرئاسية إلى منزله في ولاية فلوريدا.
وانطلقت المراسم في مقر الكابيتول الأمريكي بعد أسبوعين من حصار أنصار ترامب للمبنى.. وأدى بايدن اليمين الدستورية رئيسا للولايات المتحدة الأميركية في حفلٍ هادئ ضم حشدا قليلا، نتيجة الإجراءات الاحترازية بسبب وباء كورونا.
وبعد أن اعتلى منصة التنصيب واضعا يده على نسخة من “الإنجيل” تملكها عائلتها وتعود إلى 127 عاما قال بايدن: “أقسم بأن أخلص في أداء عملي رئيسا للولايات المتحدة، وسأفعل كل ما يمكنني فعله للحفاظ على دستور الولايات المتحدة وحمايته والدفاع عنه، فلتساعدني يا الله”.
وكانت كامالا هاريس قد أدت اليمين الدستورية نائبة للرئيس الـ46 للولايات المتحدة.
وفي أول تغريدة له نشرها على حسابه الرسمي عقب أدائه اليمين رئيسا للولايات المتحدة شدد بايدن، على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة التحديات التي يعاني منها الأمريكيون.
وكتب مغرداً: “لا يوجد لدينا وقت لنضيعه في ما يتعلق بالأزمات التي نواجهها، ولذلك أتوجه اليوم إلى المكتب البيضاوي لبدء أداء مهامي فورا باتخاذ خطوات حازمة وتقديم مساعدات عاجلة إلى العوائل الأمريكية”.
من جهته كشف البيت الأبيض عقب أداء بايدن في مقر الكونغرس اليمين الدستورية عن 4 أولويات ستركز عليها إدارة الرئيس الجديد جو بايدن، تتصدرها مواجها جائحة كورونا.. وأشار في مقطع فيديو منشور على “تويتر” أن أولويات الإدارة الجديدة هي: (السيطرة على جائحة فيروس كورونا، مواجهة تحدي تغيرات المناخ، الكفاح من أجل العدالة العرقية، وإعادة بناء الطبقة الوسطى في المجتمع الأمريكي).
وسارع موقع “تويتر” إلى نقل حساب الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب (POTUS) إلى الرئيس الجديد جو بايدن، وأتاح لترامب حسابا على (POTUS45).
وكانت شركة “تويتر” قد أعلنت أنها حجبت حساب ترامب بشكل دائم بسبب خطر استغلاله في التحريض على المزيد من العنف.
وفي أول خطاب رسمي له بعد أدائه لليمين الدستورية لتولي المنصب مع نائبته كامالا هاريس، اليوم، قال بايدن: “نحتفل اليوم بانتصار الديمقراطية، علينا رأب الصدع وإحراز مكتسبات.. أتعهد أن أكون رئيسا لكل الأمريكيين وأن أعمل لصالح من دعموني ومن لم يفعلوا.
وأضاف: “تاريخنا لا يعتمد على شخص بعينه، ومستقبل أمريكا يتطلب أكثر من الأقوال، يتطلب الوحدة”.. داعياً إلى مواجهة ما وصفه بـ”الإرهاب المحلي والتطرف السياسي” و”إنهاء الحرب غير المتحضرة بين الجمهوريين والديمقراطيين، وبين الليبراليين والمحافظين”.
وتابع قائلا: “نقف هنا بعدما اعتقد البعض قبل أيام أنه يمكنهم الانتصار”.. مضيفا “لقد واجهنا هجوما على الديمقراطية والحقيقة، وعنصرية ممنهجة، وسوف نتغلب على تلك الأوقات العصيبة، وسنفتح فصلا جديدا عظيما في تاريخ أمريكا”.
وفيما يتعلق بجائحة كورونا، قال بايدن: “نحتاج إلى قوتنا لمواجهة الفيروس الفترة المقبلة، وعلينا مواجهة الجائحة كأمة واحدة”.. مؤكداً أن “فيروس كورونا قد كلفنا حياة العديد من المواطنين”.
وقال بايدن: “هناك أمور كثيرة يجب أن نقوم ببنائها، علينا محاربة الفكر الذي يؤمن بتفوق العرق الأبيض والتطرف”.. مضيفاً “لنبدأ بداية جديدة، ولن نفشل أبدا، الولايات المتحدة يجب أن تكون أفضل من ذلك بكثير”.
ونوه إلى “ضرورة رفض ثقافة التلاعب والتضليل”.. مشيداً بوجود أول امرأة تصبح نائبا للرئيس الأمريكي.
وختم بايدن خطابه بالقول: “سنكون على قدر المسؤولية ونؤمن عالما أفضل لأولادنا، سأدافع عن الدستور وعن ديمقراطيتنا، فالديمقراطية لن تموت في بلادنا”.
الجدير ذكره أن نحو 25 ألف جندي من الحرس الوطني يحرسون مبنى الكابيتول والبيت الأبيض والناشيونال مول.. وبدا وسط واشنطن إلى حد كبير خاليا من المواطنين، وشهدت العاصمة إجراءات أمنية خارقة للعادة حتى بالنسبة لظروف تنصيب الرئيس.
واختار فريق بايدن عبارة “أمريكا متحدة” شعارا لحفل التنصيب، إذ يركز الرئيس المنتخب عمله على رأب الصدوع السياسية.
وأفادت وكالة “أي بي سي” الأمريكية أن بايدن وقع في مقر الكونغرس عقب أدائه اليمين الدستورية 3 مراسيم نصت على إعلان يوم التنصيب، وقائمة المرشحين إلى المناصب الوزارية في الإدارة الجديدة وقائمة المرشحين إلى المناصب الفرعية في الوزارات.
وأشارت إلى أنه تفقد في أعقاب مراسم التوقيع، القوات العسكرية المنتشرة أمام الواجهة الشرقية لمبنى الكابيتول لضمان الأمن خلال حفل تنصيبه.. مشيرة إلى أنه سيتوجه إلى مقبرة أرلينغتون الوطنية حيث سيزور نصب الجندي المجهول برفقة الرؤساء السابقين باراك أوباما وجورج بوش الابن وبيل كلينتون.
ومساء الثلاثاء، وقف بايدن وهاريس عند نصب لنكولن التذكاري، تكريما لـ400 ألف أمريكي قضوا بسبب وباء كوفيد-19.. وكان الاثنان لوحدهما تقريبا في ساحة ناشيونال مول، حيث وُضع حوالي 200 ألف علم لتمثيل الحشود التي ستتغيب عن حفل التنصيب اليوم الأربعاء.
وفي وقت سابق من يوم الثلاثاء، بكى بايدن وهو يستعد لمغادرة مسقط رأسه في ويلمنغتون بولاية ديلاوير.. وقال لعشرات من أنصاره “هذه أوقات عصيبة”.. مضيفا “لكن هناك دائما أمل”.
هذا وقد هنأ الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما الرئيس المنتخب جو بايدن على تنصيبه رئيسا للولايات المتحدة، خلفا للرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب.. وفي تغريدة له عبر “تويتر”، نشر أوباما صورة تجمعه ببايدن، وأرفقها بعبارة: “مبروك صديقي الرئيس جو بايدن! هذا هو وقتك”.
وأفادت شبكة (CNN) بأن الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب ترك رسالة للرئيس المنتخب جو بايدن في البيت الأبيض، دون أن يتم الكشف عن مضمونها.. كما كشفت أن السيدة الأولى السابقة ميلانيا ترامب، تركت “رسالة ترحيب قصيرة” للسيدة الأولى المقبلة جيل بايدن إلا أنه من غير الواضح أين تركت الرسالة أو محتواها.
ومن التقاليد الحديثة في يوم التنصيب بالنسبة للرؤساء الذين يغادرون مناصبهم أن يكتبوا لخلفهم رسالة تقدم أطيب التمنيات والمشورة.. وعادة ما يتم تركها لقراءتها عندما يدخل الرئيس الجديد المكتب البيضاوي لأول مرة.
وعند خروجه من البيت الأبيض متوجها إلى مروحية “مارين ون”، قال ترامب للصحفيين: إنه “شرف العمر” أن أكون الرئيس الـ45 للولايات المتحدة، وأنه يريد فقط أن يرحل ويقول “وداعا”.. فيما ذكرت وسائل إعلام أمريكية أخرى، أن ترامب أعرب عن أمله بألا يكون الوداع طويلا.
على الصعيد الدولي.. وصف الاتحاد الأوروبي الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة جو بايدن بالفجر الجديد لأمريكا.. مؤكدًا أن هذه اللحظة التي كان ينتظرها الاتحاد منذ وقت طويل.
ودعا الاتحاد في بيان له: الإدارة الأمريكية الجديدة بإحياء التحالف بين أوروبا والولايات المتحدة، بعد اضطراب العلاقة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة خلال السنوات الأربع الماضية التي كان يتولاها ترامب.
من جهتها قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين -في كلمة بالبرلمان الأوروبي- إن أوروبا “لديها من جديد صديق في البيت الأبيض بعد 4 سنوات طولية”.
وأضافت “اليوم يحمل أخبارا جديدة، الولايات المتحدة تعود، وأوروبا مستعدة لاستئناف (التواصل) مع شريك قديم موثوق لإعطاء حياة جديدة لتحالفنا الثمين”.
بدوره.. عبر مسئول السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل عن أمله أن تنهي إدارة جو بايدن الحكم من خلال التغريد.. داعيا إلى تعزيز التعاون مع واشنطن في الملف النووي الإيراني.
رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو هو الآخر هنأ بايدن على تنصيبه.. قائلا إنه يتطلع إلى العمل مع الرئيس الجديد لمكافحة كورونا وتغير المناخ.
وقال ترودو إن البلدين “سيواصلان هذه الشراكة بينما نحارب وباء كوفيد -19 العالمي وندعم الانتعاش الاقتصادي المستدام بما هو أفضل للجميع”.
وأضاف: “سنعمل معا لدفع العمل المناخي والنمو الاقتصادي وتعزيز الشمول والتنوع وخلق وظائف وفرص عمل جيدة للطبقة الوسطى مع المساهمة في الديمقراطية والسلام والأمن في الداخل وحول العالم”.
وفي ختام ولاية ترامب التي شهدت فضائح وإجراءات “عزل” لمرتين، غادر ترامب السلطة والتأييد الشعبي له في أدنى مستوياته ومقطوعا عن قسم من معسكره الذي روعه مشهد اقتحام الكونغرس من قبل أنصاره في 6 يناير.
ورغم الأحداث التي سبقت حفل تنصيب جو بايدن رئيسا للولايات المتحدة فإن هذا الحدث لم يكن الأسوأ في تاريخ الولايات المتحدة، حيث استعرضت مجلة “ذا أتلانتك” قائمة بأسوأ مراسم التنصيب.
وبحسب مجلة “ذا أتلانتك”.. فقد احتل المرتبة الأولى وليام هنري هاريسون عام 1841، الذي تسبب خطابه الطويل في حفل تنصيبه والذي تكون من 8,445 كلمة في وفاته، خصوصا أنه ألقى الخطاب في جو بارد، دون أن يرتدي معطفا أو قبعة، مما أدى إلى إصابته بالتهاب رئوي ومرض ذات الجنب، ليتوفى بعد شهر من تنصيبه.
وفي المرتبة الثانية جاء أندرو جاكسون عام 1829، الذي أعقب حفل تنصيبه تجمع مكون من 20 ألف شخص أمام مبنى الكابيتول، اعتبروا أن أداء جاكسون القسم القصير أمامهم لم يكن كافيا لهم.. وتوجه الآلاف منهم إلى البيت الأبيض قبل أن يتمكن بعضهم من دخول المقر الرئاسي حتى قبل أن يصل الرئيس الجديد إليه، حيث شرع بعضهم في نهب الغرف وتكسير محتوياتها.
أما في المرتبة الثالثة فقد جاء أندرو جونسون عام 1865، الذي كان يومها يتم تنصيبه نائبا للرئيس أبراهام لينكولن خلال ولايته الثانية.. فعندما قدم جونسون إلى واشنطن لأداء القسم، أصيب بحمى التفوئيد، وفي محاولة لمعالجة نفسه، بدأ في تناول الخمر ظنا منه أن المرض سيذهب عنه لكن عندما حل يوم التنصيب، ظهر أمام العامة ثملا، الأمر الذي انعكس على خطابه أمام مجلس الشيوخ، حيث كان الخطاب طويلا وغير مترابط.
واحتل المرتبة الرابعة جيمس بوكانان عام 1857، الذي يعد أحد أسوأ حفلات التنصيب.. فبينما كان يمكث بوكانان في فندق “ناشيونال أوتل” قبل تنصيبه، أصبح الفندق بؤرة تفشي مرض غامض، عرف لاحقا باسم “مرض الفندق الوطني”، وقد أدى إلى إصابة نحو 400 شخص، ووفاة 36 آخرين، بمن فيهم 3 أعضاء في الكونغرس.
فيما احتل المرتبة الخامسة ویلیام تافت عام 1909.. وقد نصب تافت في شهر مارس من العام 1909، عندما كانت مراسم حفل التنصيب تنظم في هذا الشهر قبل تغييرها لاحقا إلى 20 يناير.. وشهد يوم تنصيبه، عاصفة ثلجية شديدة تركت واشنطن غارقة في ثلوج بلغ ارتفاعها أكثر من 25 سنتيمترا، ما دفع تافت إلى تأدية القسم في غرفة مجلس الشيوخ.
أما في المرتبة السادسة جورج دابليو بوش عام 2001.. حيث دخل حفل تنصيب جورج بوش في هذه القائمة ليس بسبب تصرف خطير صدر عنه أو عن من حوله، وإنما بسبب المقالب التي تركتها إدارة الرئيس الأسبق بيل كلينتون في البيت الأبيض.
فعند دخول بوش إلى البيت الأبيض في اليوم الأول من تنصيبه، فوجئ بغراء يلطخ أدراج المكتب، بالإضافة إلى إحداث تغييرات غير مبررة على خطوط الهاتف داخل البيت الأبيض.. كما تركت رسائل تحط من قدر وشأن الرئيس بوش في البريد الصوتي للهاتف.. وجاء تصرف طاقم كلينتون ردا على تصرف مماثل لطاقم سلفه الرئيس جورج بوش الأب.
أما في المرتبة السابعة والأخيرة، فيأتي جونز أدامز عام 1797.. فلم يكن حفل تنصيب أدامز سيئا في حد ذاته، لكنه شهد مشاعر مختلطة بين فرح يشوبه حزن، وذلك بعد خروج الأب المؤسس من المكتب البيضاوي جورج واشنطن.. ووصفت “ذا أتلانتك” الحفل بأنه كان حفل وداع لواشنطن أكثر منح حفل تنصيب لأدامز، فقد تم الترحيب بالرئيس الجديد بالحزن على انتهاء ولاية واشنطن، وليس بالفرح.