كتابات

عندما يتحدث علي ناصر محمد عن “الاستراتيجية”, تحسس رأسك !

(1)
علي ناصر محمد يتذكر أن الرئيس علي عبدالله صالح اعترف له, كما قال ناصر في حوار أخير الأسبوع الماضي, بأنه –صالح- “يدير البلاد بالتلفون”, ويعتقد علي ناصر بأن هذه الجملة لوحدها إدانة للرئيس صالح واحتفت بها صحافة ومواقع أحزاب الضد وخصوم صالح وكأنها وقعت على كنز أو غنيمة ثمينة للنيل من الرجل!
والصحيح هو العكس تماما?ٍ, فعلي ناصر من حيث لم يشأ اعترف لصالح بالتمكن والمقدرة على إدارة بلاد مثل اليمن من مكتبه في القصر الجمهوري أو دار الرئاسة وعبر الهاتف, فليس من المفترض بالرئيس أن يتواجد في كل مكان وفي نفس التوقيت, مثلا?ٍ.

(2)
ولكن لماذا لا يقول لنا علي ناصر محمد, أو يتطوع بهذا فاعل معروف نيابة عنه, كيف كان هو يدير البلاد أيام رئاسته وقيادته للحزب والدولة حتى 13 يناير 1986م? وكيف أدار أحداث 13 يناير?!

الشيء المؤكد في هذه الحالة واللحظة الاستدعائية أن علي ناصر محمد أدار البلاد بأشياء كثيرة, ومنها الهاتف ولكن ليس أهمها.

والثابت أن الرجل أدار الدولة والبلاد والحزب بـ”الحديد والنار”, ولكم في 13 يناير عبرة يا أولي الأبصار. فأيهما أسوأ من الآخر:
الهاتف أم الحديد والنار? وأي الرئيسين أفضل من صاحبه:
صالح أم ناصر?!

(3)
وثانيا?ٍ يقول علي ناصر? في الحوار نفسه مؤخرا?ٍ? إن الرئيس علي عبدالله صالح لم يكن “يملك استراتيجية” للحكم وإدارة اليمن. وهذا كلام قابل للتصديق والتفنيد? كما انه قابل للمناقشة حول معنى وطبيعة الاستراتيجية, في الأدبيات السياسية والإدارية عامة.. وفي ذهن وتصور وخبرة علي ناصر محمد خاصة, وهناك فرق كبير وبون شاسع بين هذا وذاك.

أما أن صالح لم يكن يملك استراتيجية للحكم, فلم نعلم بأن رئيسا?ٍ حكم بلادا أكثر من 3 عقود وهو لا يملك فكرا أو استراتيجية من أي نوع. يكفي أن يقال, مثلا?ٍ.. وبمنطق علي ناصر? إن الإدارة بالهاتف كانت هي “الاستراتيجية” المتبعة, هذا في أسوأ التقديرات والأحوال? غير أن الواقع ليس بهذه البساطة والتسطيح? فحكم اليمن أصعب وأشق من وظيفة المراقب الإداري أو مقيل مزود بهاتف سحري للاتصالات والسلام!

(4)
وأيا?ٍ تكن الاستراتيجية, بودنا في هذا الخصوص لو يتفضل علي ناصر ويحدثنا عن نوعية وطبيعة “الاستراتيجية” العبقرية التي أدار بها البلاد وحكم الدولة وصولا?ٍ إلى ذبح أكثر من 27 ألف بني آدم يمني خلال أقل من 72 ساعة?!!

لابد وأن لدى ناصر نظرية خاصة وخطيرة عن هذه الأمور وهذا النوع النادر والغريب من “الاستراتيجيا” فلماذا يبخل علينا بكشفها?!

على الأقل كنا والجمهور سوف نستفيد شيئا من خبرة بطل 13 يناير ورجل المذبحة الأشهر والأسوأ على مدى التاريخ اليمني قديمه ووسيطه وحديثه.

(5)
عندما ذبح علي ناصر عشرات الآلاف في عدن وفر?ِ? شمالا باتجاه صنعاء, هل كان الرجل في سعة من أمره في تلك الساعة ليسأل الرئيس صالح, الذي آواه وضمن سلامة رأسه وجماجم أصحابه, عن شكل وطبيعة الاستراتيجية التي يحكم بها اليمن الشمالي حينها.. لكي يتسنى لناصر التفكير والاختيار بين أن يقبل جوار صالح وكنفه أو أن يعود إلى عدن حيث خلفت استراتيجيته الفريدة بحرا من الدم وأكواما من الجثث المشوية واللحم الآدمي المتفحم(?!)

وهل كانت مسألة “أيديولوجيا” أم “استراتيجيا” انخراط الرئيس علي ناصر محمد في إدارة جبهات الحروب والقتال بين ضفتي اليمن شماله وجنوبه?!

(6)
من السهل على رجل يخجل من ذكر تاريخه وخبرته وسيرته في الحكم والإدارة? مثل علي ناصر محمد, أن يتقعر أو يتحدب في مرايا.. بزوايا لا آخر لها.. ليعيد محاكمة وتشخيص تجارب الآخرين وشخوصهم. هو حتى لا يحفظ لعلي عبدالله صالح فضل الإيواء والحفاوة الباذخة في استقباله وتوطينه وإعادة تسكين رفاقه وأصحابه في ألوية الجيش ووحدات الأمن وإدارات ووزارات ومرافق الدولة المختلفة دون تحفظ أو توجس أو “استراتيجيا” من أي نوع (..)

(7)
ربما كان علي ناصر يقصد من كلامه أن الرئيس علي عبدالله صالح لا يملك خبرة الحكم التي امتلكها يوما علي ناصر محمد: وجبات الدم وجبهات الصراع التصفوي ومسالخ الرفاق في أروقة وصالات اجتماعات المكتب السياسي واللجنة المركزية.

في هذا علي ناصر محمد محق كل الحق. لم يكن صالح, والحمدلله أن لم يكن, يمتلك هكذا خبرة أو استراتيجية يحكم بها اليمن وتدير البلاد, بدلا?ٍ عن الهاتف وتفويض الرجال والإدارة بالبركة والمعروف وتألف القلوب والعقول بالإحسان والتقريب.. وهي سياسة طبعت عهد الرئيس علي عبدالله صالح وحسبت له بقدر ما أنها راكمت عليه وحوله الأخطاء والمتربصين وعادت اليوم تحسب عليه وكانت له فيما مضى!

(8)
في الشق الثاني من المقاربة يجب أن يستوقفنا حرص اثنين وعليين على الخروج والظهور في نفس التوقيت والظرف وبنفس المنطق والهوس الهجومي, علي ناصر محمد وعلي سالم البيض?

بالتزامن مع إجراء الانتخابات الرئاسية المبكرة (الثلاثاء 21 فبراير) كان العليان ناصر والبيض يدليان بحوارين صحفيين من مكانين مختلفين ولصحيفتين مختلفتي

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com