بقلم || زيد البعوة
الفساد هو استعمال الوظيفة العامة للكسب الخاص الشخصي غير المشروع واستغلال الوظيفة للنهب والتزييف والتلاعب وتدمير قيم النزاهة في أداء الوظائف العامة من خلال الرشوة والمحاباة والمحسوبية والوساطة وتحويل مؤسسات الدولة إلى إقطاعيات خاصة شخصية أو حزبية أو فئوية أو شللية ضد الوطن والمواطن، بحيث يتحول الموظف أو المدير أو الوزير من مسؤول عن الوطن والشعب إلى لص محترف يسرق أموال الناس وينهب المال العام بطرق مختلفة غير قانونية ويتحول إلى مصدر شر على الجميع ، ومحاربة الفساد هي لمصلحة الجميع لأن الفاسد من أي طرف كان يستخدم الوظيفة في السلطة لأهداف غير مشروعة بطرق خبيثة وسرية لتحقيق مكاسب شخصية مادية وسلطوية بدلاً من خدمة الناس وتسهيل أمورهم، فتنتج عن ذلك المحسوبية والرشوة والابتزاز وممارسة النفوذ والاحتيال ومحاباة الأقارب، بحيث يتحول الموظف إلى عدو للشعب والوطن من موقع القرار والنفوذ.
وتعتبر مكافحة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية والخاصة والعامة من اهم الأعمال التي تتطلبها الظروف الراهنة والمرحلة الحالية مع انه يجب محاربة الفساد في كل وقت وحين، في الشدة والرخاء والسلم والحرب، ولكننا كشعب يمني في هذه الظروف أحوج ما نكون إلى توجه عملي جاد وشامل للقضاء على الفساد لكي نخفف عن أنفسنا وطأة ما نحن فيه من ظروف معيشية صعبة بسبب العدوان والحصار، لأن الفساد ينخر جسد الجبهة الداخلية لمصلحة العدوان ويثقل كاهل الشعب لمصلحة العدوان، ولكن عندما يتجه الجميع حكومة وشعبا لمحاربة الفساد فلا شك أن ذلك سوف يخلق مرحلة جديدة مختلفة عن الأعوام الماضية التي كان الفساد فيها يسهم بشكل كبير في معاناة الناس.
وإعلان الحرب على الفساد الذي ينخر مؤسسات الدولة ويعيق مسيرة التنمية والبناء ويعرقل معاملات الناس ومصالحهم هو جزء لا يتجزأ من المعركة التي يخوضها الشعب اليمني الصامد في وجه العدوان الأمريكي السعودي بجيشه ولجانه الشعبية، لأن الفساد هو طاعون قاتل ومرض خبيث ينخر أجساد الشعوب ويقضم لحمها ويهشم عظمها وينهب ثروتها ويحول الواقع إلى ميدان للشيطان الرجيم ويحول حياة المستضعفين إلى جحيم ويمنح الظالمين شرعية الاستمرار في الظلم والطغيان بحجة انهم الأقوياء ولهم الحق الكامل في ما يفعلون ، وسمي الفساد فساداً لأنه يأتي تحت عناوين تتقمص ثوب الصلاح والحق وليس من الحق في شيء ويرفض أهل الفساد أن ينسبوا أنفسهم إلى الباطل أو يقال عنهم فاسدون رغم أن ما يقومون به هو قمة الباطل والفساد، واخطر أنواع الفساد هو الذي يأتي ممن يتحركون باسم الإصلاح والنزاهة والحفاظ على المصالح الوطنية وغيرها من العناوين والمسميات خصوصاً عندما يكون الفاسد في موقع سلطة ومسؤولية ويتحرك عكس ما هو مطلوب منه، فيشكل خطرا كبيراً على الشعب والوطن.
ومسؤولية محاربة الفساد تقع على عاتق الجميع الصغير والكبير صاحب العلم والمتعلم والحاكم والمحكوم، لأن آثار ونتائج الفساد كارثية على الجميع ولا يستطيع أحد نكران حقيقة أن هناك فساداً ولكن المشكلة تكمن في كيفية محاربة هذا الفساد في مثل هذه الظروف، ومن المؤكد أن الفاسدين لا يقلون خطورة عن العدو الخارجي الذي يستهدف الشعب والوطن، بل انهم يخدمون العدوان ويسهمون في تفاقم معاناة الشعب لمصلحة العدوان ، والجميع يعرف أن الوضع اليوم يحتاج إلى مؤسسات حكومية لا فساد فيها ويتطلب ذلك تضافر الجهود لفضح ومعاقبة كل من تلطخت أياديهم بالفساد، ومن يصمت وهو يعرف أن هناك فساداً فهو شريك في هذا الفساد، أما من يقف متفرجاً ولديه القدرة على ردع الفاسدين فهو فاسد، وبين هذا وذاك “إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم”.