“عذاب الركابي” يستنجد !
عرفته من خلال رسائل الكاتب المبدع عبدالرحمن مجيد الربيعي التي كانت تصلني من تونس وبعد شهور قليلة من مغادرتي بغداد جمعني به لقاء في عم?ان عام1994 م وكان بصحبة صديقي الشاعر عدنان الصائغ الذي سبقني الى لقائه قبل وصولي بدقائق وأحسسنا حينها إننا نعرفه منذ زمن بعيد ? فهو يتمتع بحس? إنساني رفيع ورهافة عالية وكتب عن ذلك اللقاء نصا نشره في جريدة “الفينيق” وأهداه للصائغ ولي وللأخ علي الشلاه .
حدثنا وقتها بحميمية عن ظروف مغادرته العراق أواخر السبعينيات واستقراره في ليبيا ليمارس مهنة التعليم في المدارس الثانوية الليبية وكان يتكلم بلهجة أقرب ماتكون للمصرية حيث علمت إنه تزوج فتاة من الإسكندرية ? واستقر هناك بعد تكوين عائلة له ?وبعد اللقاء ظل تواصله معنا مستمرا عبر البريد و كان نشيطا في المجال الثقافي حيث كتب المقال الصحفي وأجرى حوارات ثقافية ونشر نصوصه ودراساته ويومياته الثقافية في الصحف والمجلات العربية المحلية والمهاجرة وأصدر العديد من الدراسات النقدية وهي :صلوات العاشق السومري – دراسة في شعر البياتي 1997م ع?مان وبو?ابات هادئة – رؤى نقدية في الشعر والقصة والراية 2000 طرابلس وعبد الرحمن الربيعي .. وأسئلة الزمن الصعب – دراسة وشهادات هامة في أدبه – دار المعارف – تونس 2004م وكيمياء الكتابة ـ تأملات في الابداع الليبي – طرابلس 2006م وهذا الخراب?ْ لي – نصوص – 2003م و دموع ومبدعون – تأملات في الإبداع العربي –
2003ووطن للإهداء – مقالات سياسية – 2006 م وله دواوين شعرية هي : تساؤلات على خارطة لا تسقط فيها الأمطار 1979 م و من طموحات عنترة العبسي 1984 م و قولي ..
كيف نما شجر الأحزان 1992 م تونس ?و أقول .. وأعني الحلم صدر بطبعتين في تونس والقاهرة -و الفوضى الجميلة – شعر – 2001 م المكسيك منشورات الحركة الشعرية و ما يقوله الربيع – تجربة في الهايكو العربي – ميريت القاهرة 2005 م وقام بالتعريف بالأدب العراقي في العديد من المجلات الثقافية العربية .
في السنوات الأخيرة أقيل?ِ من العمل بعد سبعة?ُ وعشرين عاما?ٍ من التفاني خارج بلده ومر? بظروف صحية صعبة , ورغم ذلك لم ينقطع عن مزاولة نشاطاته الثقافية ? ويتمتع بسمعة طيبة وسط أصدقائه? من المثقفين والمبدعين الليبيين لمثابرته ? وتعريفه بالأدب والإبداع الليبي في العواصم العربية وبعد وقوع الأحداث الأخيرة في ليبيا أراد الخروج من ليبيا حتى تستتب الأوضاع وأنى له ذلك? فهو لا يملك جواز سفر عراقي من فئة G يمكنه من مغادرة البلد والسفارة العراقية في ليبيا مغلقة منذ احتلال العراق ومجيء حكومة المالكي ? والسفارة التي اتصل بها في تونس ? لاتمنح غير الجواز من فئة S وهذا غير مقبول في المطارات الدولية ولم
يتحص?ل عليه ليتدب?ر أموره بشكل وقتي ? وقد أعتذر له موظفو السفارة عن نفاد هذا الجواز غير المعترف به دوليا?ٍ ? وجواز فئة G يتطلب ( البصمة الالكترونية) و( الحضور الشخصي) وهو بلا أوراق ولا ولا.. وتكر?ر معه السناريو نفسه مع السفارة العراقية في دمشق ? وأخبرني بأنه بعث حتى الصور ? ودفع المبلغ المطلوب بالدولار ايضا?ٍ ? ونتيجة صعوبة الحياة في مدينة إقامته بنغازي وسوء حالته الصحية ? وضياع أحلام أسرته المكونة من خمسة أفراد.
أخيرا طفح به الكيل فبعث لي رسالة مدافة بالمرارة يقول بها ” الدول الآسيوية الفقيرة تبعث بطائرات لنقل مواطنيها من المدن الليبية وأنا لا أستطيع أن أحصل حتى على وثيقة سفر!!”
وسؤالي هو من المسؤول عن عذابات “عذاب الركابي”? هل الظروف التي أجبرته على ترك بلده ? أم قراره بالإقامة ببلد عربي ? فلو توجه لبلد أوروبي لتغير جوازه وسحنته ولكنته المصرية وربما حتى اسمه ليقفل على سيرة “العذاب” وهل عذابات “عذاب الركابي ” هي عذاباته وحده? أم عذابات أمة تقف على شفا جرف هار ?
ولكي نخرج من دائرة الأسئلة المقفلة ونشعل شمعة في طريق “الركابي” لتضىء أيامه , أرى لابد من وقفة مع هذا الشاعر والكاتب العراقي من اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين ووزارة الثقافة العراقية ? والبرلمان العراقي ? وكل? المؤسسات الثقافية والإعلامية داخل العراق وخارجه ? فهو لا يريد جاها ولا مالا من خيرات بلده العراق التي تناهبها الجميع بل يريد وثيقة سفر عراقية تمكنه مع أولاده من السفر الى مكان آمن إكراما لإنجازاته الأدبية فوثائق السفر “حق مضمون لكل مواطن ” كما يقول القانون الدولي .
ياترى هل من مجيب?
razaq61@yahoo.com