عبدربه منصور هادي.. جنوبي يحكم الشمال
تحول عبدربه منصور هادي من “عبدربه مركوز فاضي” كما كان يحب البساطاء تسميته في صنعاء إلى رئيس حكومة الوفاق الوطني ومرشحها الوحيد ورجل المرحلة فجأة وبإجماع كل القوى المعارضة للرئيس صالح لتتحول كل الكتابات التي كانت تنهال على نائب الرئيس إلى عكس ذلك تماما?ٍ وفجأة أيضا?ٍ.
يؤمل الشارع الشمالي خيرا?ٍ ويبالغ في ذلك أن الرئيس سيكون مدنيا?ٍ وجنوبيا?ٍ أيضا?ٍ? وهذ أمر يعده الجميع عاملا?ٍ أولا?ٍ في انتزاع الحكم من بيت “سنحان” وهذا شيء قد لا يصدقه العقل البسيط وقد يدفع قيمة هذا التغيير الكثير مقابل هذه النقلة النوعية في سدة الحكم في اليمن من رئيس يمني قبيلي عسكري يحكم بعقلية قبلية بحتة إلى رئيس جنوبي مدني? أكثر مرونة وتقبل للآخر.. رئيس أقل ما يمكن القول عنه – وما تراهن عليه قوى التغيير – هو عدم وجود قبيلة قوية يحتمي بها أو تحتمي به? وهذ يعد بداية تحول كبيرة في تاريخ الحكم في اليمن? وبداية أيضا?ٍ لسحب الحكم من صنعاء بطريقة سلسة مع بقائها الرمزي وعامل خطر بنفس الوقت.
لم يكن هادي في يوم من الأيام رجل ذو نفوذ أو صاحب مكانة كبيرة في الحكم باليمن? بل كان الرجل الذي لم يعرف له الشارع معنى سوى في ظهوره خلف صالح حتى مغادرة الأخير اليمن إلى أرض?ٍ غير مستقرة? ولهذا انهالت عليه الأقلام بكثرة مع حدوث عجلة التغيير في اليمن ووصفه الكثير بالرجل الهادي جدا?ٍ كاسمه? وتغير كل شيء بعد فترة من الصراع على الرجل الذي سيخلف صالح في الحكم.
ساحات التغيير وما بات يعرف بساحات الثورة ينظر شقها المستقل والشباب إلى هادي أنه عقلية عسكرية لا يمكنهم القبول به كرئيس لليمن? وذلك لتضحياتهم الكبيرة من أجل دولة مدنية ورئيس مدني? ويستعدون لإحراق بطائقهم الانتخابية في 21 من فبراير? تعبيرا?ٍ عن رفضهم ترشيحه? في الوقت الذي تسللت صور هادي إلى الساحات وتزداد يوما?ٍ بعد آخر? كما وتزداد دعوات انتخابه كرئيس للجمهورية? وتفاخر تلك الحملات بأن الرئيس اليمني القادم هو رئيس “جنوبي” وهذا التضخيم غرضه واضح وهو نيل رضى الشارعين الشمالي والجنوبي وارضاء?ٍ للقضة الجنوبية التي لم يكن هادي يمثلها في يوما?ٍ من الأيام – حد وصف الكثير من الجنوبيين.
تعمل الأحزاب اليسارية بشكل أكبر من التيار اليميني تهيئة لوصول هادي إلى كرسي الحكم ولكلا?ٍ في ذلك غرض فاليسار كما أسلفنا سابقا?ٍ يعد ان يكون الرئيس جنوبي أمرا?ٍ يستحق التضحية ومن جانبهم تعمل القوى اليمنية بزعامة حزب الإصلاح للسير تجاه تنفيذ المبادرة الخليجية وللأجندة الدولية التي تقدم الدعم السخي لليمن ويهمها نجاح الانتخابات لا أكثر حتى وأن ظهر أن الحزب يعمل بكل طاقاته لتحقيق الهدف المنشود وهو الرئيس عبدربه منصور هادي وذلك لمعرفتهم المسبقة أن هادي في كل الحالات سيصل إلى الكرسي بجهد أو بغير جهد ولكن ما تراهن عليه احزاب اليسار ممثلة بالحزب الاشتراكي وباقي الأحزاب هو حصول هادي على أصوات الملايين كي يتعدى الرقم الذي حصده صالح في الانتخابات السابقة? رسالة تريد قوى المشترك ايصالها وهي ” أن الشعب اليمني لم يعد يرغب بصالح رئيسا?ٍ ” وأن رحيله عن الحكم كان مفروضا?ٍ ولهذا الغرض تحشد الجهود في صنعاء وغيرها للوصول إلى ذلك الغرض بطرق مشروعة وأخرى غير مشروعة اذا كلف الأمر ذلك.
يطالب شباب الثورة هادي بالاعتراف بثورتهم وخلع بزته العسكرية وذلك تقديرا?ٍ لتضحياتهم وللشهداء الذين قدموهم مقابل أن يكون هادي رئيسا?ٍ? ولا يأتي هذا الطلب البسيط كفرض على هادي ولكنه يأتي لكون الأمر الواقع يفرض ذلك وأن مقاطعة الشباب للانتخابات لن تفييدهم ولن تسمن الشهداء عن خيارا?ٍ أخر? ولهذا يتعمد شباب الساحات أرسال رسال محدودة لرئيسهم الجديد أملين منه تنفيذها مع العلم أن الساحات هناك تخضع لسيطرة تامة لأحزاب اللقاء المشترك ولهذا تجد المعارضين لهادي قلة قلية مبررها الوحيد لمعارضتهم رحل صنم الأمس وسترحل باقي الأصنام غدا?ٍ وأنا لناظر غدا?ٍ لقريب.
لن يكون من السهل القول عبدربه منصور هادي الجنوبي الذي يحكم الشمال ولذلك تسعى أغلب القوى المنظمة للتغير لأجل تحقيق ذلك بينما الأخرى تسعى لأفشال ذلك بكل الوسائل أصغرها مقاطعة الانتخابات وهذا ما جعل موقف القبيلة غامضا?ٍ نوعا?ٍ ما? ويبين المشهد أن هناك انقسام واضح وغير مسبوق بعد ان كانت القبيلة هي سلاح صالح الفتاك الذي يدمر فيه كل من يقف أمامه أو حجر عثره لأهداف الاثنين? وهنا يقع المرشح التوافقي بين معارضة وتأييد قبلي متواضع قد ترجحه القبائل المنضوية تحت سيطرة الشيخ صادق الأحمر الشيخ الأكبر لقبائل حاشد وبكيل اليمنية.
من جهته تؤكد جماعة الحوثي رفضها للانتخابات غير العادلة بالنسبة لها ويرجع سبب معارضتها إلى تجاهل حكومة الوفاق الوطني هذه الجماعة التي ظهرت مؤخرا?ٍ بعد ستة حروب خاضتها مع الحكومة اليمنية وتعد أمر واقع في الساحة اليمنية بل ومكون من مكونات الثورة المتواجدة في الساحات وبشكل لا يستهان به? مما جعل الكثير من قوى المشترك وبذات حزب التجمع