بقلم/ عبدالمنان السنبلي
أخي العربي، هل اختلط عليك الأمرُ أَو تعذرت عليك الرؤية لدرجة أنك لم تعد تدري شطر أيٍّ من الفرقاء تيمم وجهك أَو في أيِّ موطئٍ تضع قدميك؟!
هل تشابه عليك البقر لدرجة أنك لم تعد تعي أية بقرةٍ عربيةٍ حلوب يتوجب عليك اتّباعها واقتفاء أثرها؟!
إن كنت كذلك.. لا عليك!
فلسطين هي البوصلة.
فلسطين هي البوصلة التي تبين إن كنت تسير في الاتّجاه الصحيح أم الخطأ، وهي التي تحدّد موقعَك من الأَعراب والإعراب، وهل أنت فاعلٌ مرفوع الهامة والقامة، أَو مُجَـرّد اسم مجرورٍ بالكسرة أَو حتى (بالجزمة).. لا فرق.
هي مقياس ريختر الذي يبين مقدار ثباتك على المبدأ وثبات مواقفك في كُـلّ الظروف والأوقات، من تحَرّكاتك وتقلباتك واهتزازك واهتزاز مواقفك.
هي الترمومتر الزئبقي أَو الإلكتروني الدقيق الذي يبين حقيقة ومستوى حرارة تحمسك وغيرتك وحميتك على أهلك ووطنك وأمتك.
هي المعيار الحقيقي الذي يبيّن طبيعة ونوع معدنك، عربياً حقيقياً كنت أم عربياً مُقلَّداً؛ ذهباً خالصاً أم ذهباً مزيفاً أَو (فالصو) كما يقولون.
هي وحدة القياس الوحيدة التي يقاس بها طولُ هامتك وقامتك وعلو كعبك وحجم احترامك لنفسك ولأمتك ووطنك، ومدى اهتمامك وتفاعلك أَيْـضاً مع قضايا أمتك المصيرية.
أليس هذا هو ما أجمعنا واتفقنا وتعاهدنا عليه ذات يومٍ من قبل، وهو ما أوصانا به الأولون أَيْـضاً؟!
أليسوا هم أخبرونا أن من خرج على هذه المعادلة أَو شذ عنها فإنما خرج وشذ في النار؟!
ها هم الإماراتيون والسعوديون وغيرهم من المهرولين والمطبعين اليوم وقد أعلنوا بكل وقاحةٍ وصفاقة خروجهم عن هذه القاعدة وشذوذهم عن هذه المعادلة بالتطبيع الكامل مع دولة الكيان الصهيوني، يبرهنون للدنيا كلِّها أنهم قد أضاعوا هذه البوصلة وانحرفوا عن مسارهم الصحيح في انسياقٍ واضحٍ ومتعمد خلف المشروع الصهيوأمريكي المشبوه، إيماناً منهم طبعاً من أنهم بهذا السلوك الشاذ والمشين، إنما يسلكون الطريقَ الصحيح ويسيرون في الاتّجاه السليم أَو هكذا يتوهمون.
فهل رأيتم بعد شذوذهم هذا من شذوذ؟!
على أية حال، شاءوا أم أبوا، أضاعوا البوصلة أم لم يضيعوا، شذوا أم لم يشذوا.
ستظل فلسطين هي البوصلة والمحك، وهي المجس الدقيق وكل وحدات القياس الحقيقية التي تبين حقيقتك وحقيقة انتمائك وصدق مشاعرك، كمواطنٍ عربي نحو وطنك وأمتك.
فقط ما عليك إلا أن تحدّد موقعك وموقفك من فلسطين، وستعرف ويعرف الناس أجمعين حينها من أنت ومن تكون.