نتائج التحقيقات في عملية إغتيال صالح والخروج من الورطة
ذكرنا في الجزء الأول من هذا المقال بأن القوى المتورطة في إغتيال صالح باتت في ورطة مضاعفة إزاء مواجهة المنظومة القانونية الدولية التي لا ولم ولن تقر حصانة لمن تورط في جرائم ضد الإنسانية أو حرب إبادة. وذكرنا بأن من أخرج النسخة الأولى من المبادرة الخليجية ومن?ِح الحصانة لعلي عبدالله صالح وأعوانه لم يكن جادا?ٍ لأنه كان يخطط في الوقت ذاته للتخلص من الرئيس صالح في جامع النهدين وبالنتيجة التخلص من المبادرة نفسها ولم يضع في حسبانه فشل محاولة الإغتيال لثقته الزائدة في نجاح العملية الإجرامية راكنا?ٍ على تاريخه الطويل وخبرته في هذا المجال.
كما أنه قد أعد البديل الذي كان في أتم الجاهزية العسكرية والسياسية لتسنم السلطة في اليمن وهو علي محسن مدرع وحميد أحمر والعائلة ومن وراهم من بقية التركة ? ولكن شاءت الأقدار والحكمة الإلهية أن تنقذ صالح رغم التخطيط الدقيق والإتقان الرهيب في تنفيذ عملية الإغتيال. وقد أتصل بنا بعد العملية مباشرة (حزواتي واشنطن) وهو فرحا?ٍ جذلا?ٍ ? كما اتصل بالكثير غيرنا ? مؤكدا?ٍ بأن من قام بالعملية هو علي محسن مدرع مع شرح مفصل لا يخلو من لغة الإنحطاط والبذاءة والحقد والمفردات القذرة ? التي ينأ كل إنسان يحترم نفسه عن التفوه بها وذلك عن الكيفية التي تم بها قتل المصلين في جامع النهدين ? وبأنه قد تم القضاء عليهم وسيقومون (هم) بإستلام السلطة ? وس?ْيعين هو وزيرا?ٍ أم سفيرا?ٍ في واشنطون ? أما نحن ? متشفيا?ٍ ? فسنظل مشردون في المنافي نعارض إلى مالا نهاية. وفي الحقيقة أننا حزنا لهذا الأمر لأننا كنا نعرف بأن من سينقضوا على السلطة ? إن تمت النهاية بهذه الطريقة ? هم أكثر إنحطاطا?ٍ وفسادا?ٍ وإجراما?ٍ بمراحل من سلفهم الرئيس صالح.
بيد أنه بالنتيجة جرت الأمور بما لا يشتهي الم?ْجرم الذي دبر وخطط للحادثة الإجرامية التاريخية التي قمنا بإدانتها في حينه والتي لم تصدر تفاصيلها حتى الآن ولن يصدر بشكل رسمي على الاطلاق مالم يتم الكشف عن الجناة الحقيقيين الذين وقفوا وراءها ويقومون الآن بأقصى مايمتلكون من جهد لتزوير الحقائق ودفن كل مايتعلق بهذه الجريمة ومسحها من الذاكرة للخروج من الورطة رغم أنها تشكل المفتاح الرئيس لحل كل مشاكل اليمن المعقدة كونها ستفتح الأبواب الموصدة على مصاريعها وسترفع الأستار عن أعداء اليمن الحقيقيين من قيادات آل سعود ومن لف لفهم من المرتزقة على الساحة اليمنية وخارجها. ولذا يتم اليوم التعتيم على هذه الجريمة كما تم على كل جرائم الإغتيالات السابقة التي ارتكبت على هذا النحو بطريقة أو بأخرى وما قصص السلفية والقاعدة هذه الأيام في أبين وشبوة ورداع ودماج وكتاف في محافظة صعدة ? أو من خلال الحزاوي السامة التي ينفثها بوق العمالة الحزواتي المتصهين من واشنطون عن حضرموت والجنوب ومحاولة شق صفوف أهلنا الجنوبيين بأسلوب واطي مفضوح إلا أدلة واضحة على محاولة تمييع القضية الأساسية والتعتيم عليها وإجهاض الثورة وحرف مسارها من هدف التغيير الشامل إلى مسألة القاعدة وما أدراك مالقاعدة إضافة إلى الحصانة الوهمية الممنوحة لصالح من المبادرة الخليجية ? بينما الذين حاولوا الإطاحة بالثورة لازالوا ينعمون بالهدؤ التام تحت شعار “الموالون للثورة” الذي تروجه لهم قناة الجزيرة ومن يلف لفها مع بقية المخدوعين والمغرر بهم.
المأزق الذي واجهه من قاموا بمحاولة الإغتيال بعد قيام الثورة كان صعبا?ٍ للغاية لذا أرادوا أن يخرجوا منه بأي شكل من الأشكال وبأقل الخسائر فكان خيارهم الوحيد بعد إسقاط صالح من قبل الشعب اليمني بشبابه وشيوخه وأطفاله ونسائه الذين خرجوا إلى الساحات هو إغتيال صالح لإحلال من يحتل مكانه سريعا?ٍ قبل أن تتبلور وتتشكل القوى الثورية وتفرز قيادتها لأنهم أدركوا بأن صالح قد أنتهى سياسيا?ٍ بخروج الشعب عليه ? وعليهم وضع البديل الذي يرغبون به قبل أن تتمكن الثورة من الإنتصار. وعندما فشل هذا الخيار بنجاة صالح كان لابد لهم من القيام بشئ ما لحرف مسار الثورة من خلال تشتيت الفكر الثوري بتحويله إلى جهة التركيز على حصانة صالح من عدمها ? وهذه هي أخطر لعبة سياسية قامت بها جماعة اللقاء المشترك بقيادة الإصلاح والجنود الحمر لكسب الوقت بينما تتميع مطالب الثورة عن طريق حكومة الوفاق بإستخدام المؤسسات الغير شرعية التي أنتهت صلاحيتها مثل مجلس النواب وغيرها للصراع حول الحصانة الغير معنية أصلا?ٍ بالقضية الأساسية للثورة.
وبما أنه قد أصبح تمرير مسألة الحصانة أمرا?ٍ صعبا?ٍ من الناحية القانونية محليا?ٍ ودوليا?ٍ أضطر هؤلاء إلى إيجاد تخريجة جديدة كمرحلة ثانية وهي “المصالحة” التي تعتبر أخطر من الناحية السياسية لأنه من الأسهل تمريرها محليا?ٍ عن طريق المؤسسات فاقدة الصلاحية والشرعية نيابة عن الشعب حتى يتم بعد ذلك قبولها دوليا?ٍ تحت عنواين المصالحة التي تعني فيما تعنيه أن أولياء الدم قد أستعادوا حقوقهم كاملة من الجناة وتنازلوا عن حقوقهم الجنائية والمدنية وبالت