بقلم/ محمد أمين الحميري
من باب المصارحة للكثير من إخواننا الخطباء في الساحة بمختلف توجّـهاتهم، ومما يناسب طرحُه إعلامياً على هذه المنصة لتعم الفائدةُ إن شاء الله.. فإنه حسب متابعتنا لبعض الإشكاليات التي تحصل أحياناً بين مسؤولي الإرشاد أَو الأمنيين والثقافيين مع بعض الخطباء في بعض المناطق، سببُه الرئيسُ يعودُ إلى الإشكالية في الخطاب، ولكم أن تتخيلوا أن بعض الخطباء لا يزالُ في سبات عميق، رغم الجرائم الوحشية في حق المدنيين وخراب ودمار وحصار ترتكبه قوى العدوان، وهؤلاء لا يحركون ساكناً، وهم بعيدون كُـلَّ البُعد ولو بالإشارة غير المباشرة لما يحدث، فهذا الأسلوبُ هو الذي يدفع المسؤولين في الميدان إلى الدخولِ في إشكالات مع هذا النموذج من الخطباء، وبناءً عليه وكردة فعل، يحصل التذمُّرُ من هؤلاء الخطباء الذين يتم استبدالُهم بخطباءَ من الأوقاف لفترات مؤقتة، والكل يشتكي والكل يتحدثُ عن استهداف التعايش وتهديد حرية الرأي!!.
وفي الحقيقة أن هذا التصور غير صحيح، والصحيحُ هو أننا مع رسمنة الأمور، فوزارةُ الأوقاف هي المعنية بشؤون المساجد، ومن ناحية أُخرى فهؤلاء الخطباء يتحملون المسؤوليةَ في عدم التفاعل الإيجابي مع الأحداث ومواكبتها بالشكل السليم، ومن هنا سيقطعون الطريقَ على الكثير من الناس الذين يشتكون منهم؛ بسَببِ خطابهم التدجيني أَو غير الهادف، وخَاصَّةً ممن قَدَّم من أهله وأسرته الشهداء في سبيل عزة وحرية كُـلّ يمني، فهؤلاء يمتعضون كَثيراً ممن لا يزالُ ينتهجُ سياسة التضليل والتخذيل أَو تجاهل ما يجري وهو على رأس المشهد في جانب التوعية، فيلجأون لرفع الشكاوى للأوقاف وللعديد من الجهات ثقافياً وأمنياً في المديريات والعُزَل وعلى مستوى المحافظات عموماً، فيحصل الأخذُ والردُ وتطول الأمورُ ربما، ولم يكن هناك ما يدعو لهذا التطويل الذي يؤخّر البت في معالجة الأمور أولاً بأول.
لكن ماذا لو قام كُـلٌّ بمسؤوليته قدر الإمْكَان، وفي المقدمة الخطباء، ليأتيَ الارتقاءُ بطرق رسمية ورؤىً شوروية من الجميع؟!
من وجهة نظري، ستقل التجاوزاتُ الصادرة من خارج إطار الجهات الرسمية، وحتى لو حصل هناك تصادمٌ مع المسؤولين الميدانيين من الثقافيين وغيرهم وفي ظل أن الخطاب المسجدي قد التزم ولو في الحدَّ الأدنى (مثلاً في واقع بعض الذين يتحرجون من التوضيح والبيان الكامل) لا أحد في قيادة الدولة أَو بوزارة الأوقاف سيسمح لأولئك بأية تصرفات تخالف التوجّـه العام الذي يحرص على التعايش المجتمعي والارتقاء بوعي المجتمع والخطاب الإرشادي خَاصَّة بتدرج، ويراعي خصوصيات البعض في بعض الجوانب أَو يراعي أية اتّفاقات والتزامات قد أبرمت مما هو في إطار المصلحة العامة ولا يكون على حساب القضايا المصيرية، فالعدوّ يستهدف اليمنَ بكل توجّـهاته، ومسؤولية التحذير منه ومواجهته مسؤولية الجميع، وعلى هذه القاعدة أبرمت تلك الاتّفاقيات، ولكُلٍّ بعد ذلك طريقتُه وأدواته في الخطاب والبيان والتبصير، والأمر في هذا فيه السعة، فالمهم هو الانطلاق من خلال محدّدات ومعالم عامة، وخطوط عريضة في مجال التوعية والإرشاد.
ومما يناسب في هذا المسار كإجراء جيد، أهميّة الاستمرار في التواصل والتنسيق بين مختلف المكونات الثقافية في المجتمع من جهة، ومع قطاع الإرشاد في ذات الوقت وكل المتصدرين مشهد التوعية، لتتلاشى ظاهرةُ الفجوة والقطيعة فيما بيننا كيمنيين، ونحن في الأخير في هذا البلد إخوةٌ وهناك قواسمُ مشتركة علينا أن نعزز من الالتقاء فيها، وما بعد خمسة أعوام من العدوان نأمل أن يكون العمل فيه أفضلَ من ذي قبل، على مستوى الوعي والتصور، وعلى المستوى المواقف.. بأن تكون مشرفة وإيجابية، واللهُ يقول: “ولا تقفُ ما ليس لك به علم، إن السمعَ والبصرَ كُـلُّ أولئك كان عنه مسؤولاً” ويقول: “وقفوهم إنهم مسؤولون”، “ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر”.
القضية قضية دينية وأخلاقية ومسؤولية أمام الله، ولسنا في ظروف طبيعية ونعيش أجواءَ انتخابات تنافسية مثلاً، وبالتالي فنحن نحرص ونحشد الجهود والطاقات لتلميعِ هذا الطرف على ذلك الطرف الآخر، هذا غيرُ واردٍ أبداً.!!
نحن أمام ظروف استثنائية، فإما أن نكونَ أَو لا نكون، ومعاً للتصدي -بعد القيام بمسؤوليتنا تجاه هذا البلد- لكل الأخطاء والتصرفات التي لا تليق، وبالطرق الحكيمة، ومن خلال النوافذ المعتبرة، وهناك إن شاء الله مَن سيسمعُ ويعالج.